أنا والنجاح
قصيرة هي مهما طالت، حقيقة أدركتها عند اجتيازي ثلاث سنوات ونصف في تخصص العلاقات العامة والاتصال في جامعة النجاح الوطنية، ووصولي لمرحلة التدريب العملي، وأصبحت الذكريات تلوح لي بين حين وآخر لما حل بي بين المدرسة والجامعة، والتي بلا شك كانت تحمل بيت طياتها الكثير من الصعوبات والتردد والحيرة، لا سيما الخوف الذي رافقني أثناء اختياري لهذا التخصص.
بقلم: غيد موسى
تحرير: علاء ابو ضهير - دائرة العلاقات العامّة
هل سيتيح لي الآفاق المستقبلية التي تُلاءم حلمي وشخصيتي؟ لن أنسى يوماً السعادة التي رافقتني أثناء انتقالي من المدرسة إلى الجامعة، كانت نقلة نوعية كبيرة بين المرحلتين، على الرغم من كل هذه السعادة إلا أن هناك خوفاً من الاختيار الخاطئ للتخصص الجامعي، والحيرة ما بين الفرص الأكثر أو الرغبة، ما بين الأنشطة الإعلامية أو رغبتي في التصميم الداخلي!
وبعد ثلاثة أيام من إعلان نتائج الثانوية العامة، كان علي أن أكون بالوعي الكافي وتحمل المسؤولية التامة لاختياراتي، بالقلب المرتجف، العقل المشوش والمظهر الثابت دخلت إلى الحلم الواسع بوابة النجاح الوطنية لأعلن التحاقي بأحد فروعها، أثناء جلوسي في المعهد الكوري وعندما عُرضت علي قائمة التخصصات لم أنظر برهة للإعلام أو التصميم الداخلي بل هناك شيء آخر يجذبني إليه، فرع (العلاقات العامة والاتصال) التابع لكلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية، كان قد طُرح مؤخراً، قمت باختياره وأضفت إليه تخصصاً آخر وعدت إلى منزلي.
مسرعة إلى شاشة الحاسوب أبحث عن هذا التخصص مرة أخرى، أبحث عن تفاصيله الصغيرة والأسئلة الكثيرة التي دارت حوله، ولم ألق من أي منهم سوى التشجيع والدعم. والمشجع الأول لهذا التخصص كان والدي حفظه اللَّه. ما بين الفرصة والرغبة، أدركت أن العاطفة ليس لها مكان في العمل، فرغبتي بتخصص ما ربما لن تخلق لي فرصة عمل بعد التخرج. بالإضافة إلى أن هذا المجال بطريقة أو بأخرى سيصقل شخصيتي بطريقة أرضاها يوماً ما، ويحمل الكثير من الأنشطة التي أفضلها. وعثرت على نفسي بعد اتخاذي لقرار الالتحاق بهذا المجال مع الكثير من الأمل والحماس.
ما بين الحماس والتوتر والصور التي رسمتها في مخيلتي بأنني سأكون كغيمة محلقة بلطف في سماء هذا المجال اللطيف، فوجئت بالكم الهائل من الضغط والمسؤوليات، بالإضافة إلى الدرجات العلمية التي لا تتناسب مع تحصيلي العلمي السابق، وعادت الدوامة السابقة لتهوي بي وتوسوس بداخلي للانتقال من العلاقات العامة إلى التصميم الداخلي، وبدأت ألمح لوالدي لكنني لم أجد أي تشجيع على هذا الفعل فعدلت عنه.
فأيقنت بأن هذه الحياة أصبحت مسؤوليتي وهذه الأعمال أصبحت واجباتي التي يجب علي أن لا أتراجع فيها مطلقًا، وبأن النجاح لن يكون بالتخصص على قدر أن يكون بالجهد الذاتي، فأكملت مسيرتي في هذا المجال، تعمقت في البحث عن كل ما يرشدني إلى النجاح وكيفية التعامل مع المساقات الدراسية التي تُطرح.
وجدت شيئاً من السعادة عند البدء في المساقات التطبيقية التحريرية والتصوير، حيث تكمن هواياتي، وكان علي أن أعي أن مشكلتي الأولى أن الفصول الدراسية الأولى كانت تعتمد على الجانب النظري أكثر من العملي.
وفي عامي الثالث تخطيته بالكثير من الحب، السعادة والإنجاز والأهم بأنني قد وجدت نفسي أنجز الأعمال بحب. أتقنت التسويق والإعلانات بالإضافة إلى تعلم التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات ومن ثم إدارة الحدث وتنظيم المؤتمرات وفن إعداد المشاريع وتصميمها.
وفي عامي الرابع شاركت في تنظيم حملة "أنس ولين" في مساق "العلاقات العامة استراتيجيات وحملات" حيث قمت بتقديم مقترح متكامل للحملة، ومن ثم تم تطبيقها على أرض الواقع وكانت هذه التجربة إنجاز بسيط لكنه كفيل بزرع بذور الفرح داخلي، على الرغم من مواجهة الكثير من التحديات والصعوبات في إعدادها والتخطيط لها.
وها أنا في فصولي الجامعية الأخيرة التي تقتصر على التدريب العملي، لكنها تتطلب الكثير من العمل الشاق لكنه بات ممتعاً، قمت باختيار دائرة العلاقات العامة في جامعة النجاح الوطنية لأتدرب فيها، بحيث أن مرحلة التدريب هي المرحلة التي يتم خلالها تطبيق كل ما تعلمته خلال السنوات الدراسية السابقة ولكن بشكل عملي، والذي يحمل الكثير من الأعباء والضغوطات، لكنني وعلى الرغم من ذلك أعلم بأن هذه التجربة تحتوي على الكثير من الخبرة والمعرفة الجديدة التي لم أتطرق لها من قبل.
في النهاية وجدت بأنني أملك القناعة بأن حقل العلاقات العامة واسعٌ جداً، على صعيد العمل أو صعيد التنمية الذاتية أو يعتبر حقلاً للكثير من المعارف والخبرات والتي بدورها سوف تؤهلُني إلى الكثير الفرص التي تلوح من الأفق.
والأهم أنني أيقنت بأن العمر ممر ضيق أحيانًا ونافذ أحياناً أخرى، وبأن اللحظات السعيدة لن تتكرر وبأن المعيقات ما هي إلا التي تبنينا بعد الدمار.