من فلسطين إلى المغرب رؤية أطلسية
حينما تخرج من فلسطين إلى المغرب تراودك أفكار كثيرة، كيف ينظر أهل المغرب الأقصى لفلسطين وأهلها؟ وكيف تزاوج الجامعات المغربية بين الثقافة الفرنسية والأصالة العربية؟ وهل هذا التلاقح كان عاملاً ايجاباً على الجامعات المغربية أم لا؟
بقلم: د. جبر خضير البيتاوي
استاذ الأدب الوسيط المساعد- قسم اللغة العربية
قال لي سفير المغرب في فلسطين حينما ذهبت لطلب التأشيرة: "سترى في المغرب العربي فلسطين ثانية" ، فكانت الرحلة إلى جامعة مولاي إسماعيل في مدينة مكناس الغربية، وهو سلطان المغرب العربي الكبير الذي تصدى للاستعمار البريطاني والفرنسي، واستطاع الانتصار عليهم في بداية القرن السابع عشر وتخليداً له أطلق على الجامعة هناك اسم هذا السلطان المجاهد، وكانت مكناس عاصمة المغرب في تلك الفترة.
في جامعة مولاي إسماعيل، حضرنا مؤتمراً علمياً دولياً حول موضوع " اللغة والأدب بين التجديد والتعقيد" وشارك أكثر من عشرين استاذاً جامعياً، وقدمت أنا بحثاً بعنوان" " صورة المسلمين والفرنج في أدب الحروب الصليبية"، والتقينا بالمسؤولين في الجامعة، ورأيت أن المناهج الغربية ولا سيما الفرنسية قد أثرت إيجاباً في دراسة اللغة العربية وآدابها، وأسهمت اللسانيات في إثراء حركة الأدب والتراث بطريقة إبداعية.
وفي المغرب تعرفت الى مدن تراثية مثل فاس والدار البيضاء والرباط ومكناس وغيرها واكتملت رحلة المغرب في طنجة المدينة العريقة، بوابة أوروبا وإسبانيا وإفريقيا، هناك تعرفت لماذا وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس في طنجة؟ وقف هناك ليقيم العدل ويزيل الظلم في الأرض، هناك رأيت أمامي جبل طارق والأندلس والبرتغال والتقاء البحر المتوسط مع المحيط الأطلسي، كما وصل هناك هرقل، ووقف في تلك المدينة عقبة بن نافع حينما خاطب البحر قائلاً: أيها البحر لو أعلم أن وراءك أرضاً لقطعت هذا المحيط لأفتح العالم.
ومن هناك انطلق طارق بن زياد، وموسى بن نصير ومعهما مقاتلون عرب ومسلمون، ولتصبح إسبانيا تحت سيطرة المسلمين ثمانمئة عام، أقام المسلمون هناك حضارة زالت إسبانيا تشهد بعظمتها.
جمال المغرب، وبيئتها الخلابة تسلب الأنظار وتثير في النفس ألماً وأملاً، مما يمكن المغرب أن تكون من أهم دول العالم في السياحة، بفضل ما تملكه من تراث حضاري وثقافي وعمراني يمازج ما بين الأصالة والمعاصرة .
نعم وجدت فلسطين تعيش في شعب المغرب العظيم وغيرهم من العرب والمسلمين، ثقافة ومعرفة وروحاً وعشقاً ينتظرون اليوم الذي يرجعون فيه الحقوق المهدورة في القدس وفلسطين، وكذا سبتة ومليلة وجبل طارق والضفة الأخرى.
وعلى ضفاف الأطلسي أعددت خطة استراتيجية وعملية لتطوير فلسطين من أجل تنمية مستدامة، استفدت من تجربة عملية تعرفت عليها في مصر الشقيقة السنة الماضية، وللإسهام في نهضة فلسطين المعاصرة، ففلسطين الماضي والحاضر والمستقبل والبدايات والنهايات.
فالأحرار لا يعرفون المستحيل، يعيش فيهم روح العظماء والفاتحين، وفجر شعبنا العظيم وأمتنا المجيدة لاح في الآفاق.