جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


إخترت التدريب في قسم الجراحة العامة في مستشفى سعاد كفافي التابع لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا كتخصص رئيسي وبعض الجراحات الثانوية كجزء فرعي، ومن المهام الموكلة لي في التدريب التعامل مع المرضى بمختلف ثقافاتهم، وأخذ السيرة المرضية ومعرفة شكوى المريض، وإجراء الفحص السريري للمرضى، وحضور ورش العمل الجراحية التدريبية والمحاضرات التعليمية، وحضور عمليات جراحية مع أطباء بمختلف تخصصاتهم الجراحية، والتعرف على أساسيات التعامل مع الاصابات لحظة وصولها لقسم الطوارئ.


بقلم: علا نمر أحمد - كلية الطب

تحرير: علاء ابو ضهير - دائرة العلاقات العامّة

قسمت أيام التدريب الى يوم في عيادة الجراحة والذي كان بمثابة كتاب تعليمي للجراحة بسبب ‏كثرة الحالات المرضية وتنوعها، حيث كنا نعاين ما يقارب ثلاثين مريضاً باليوم، كان من المهام ‏المطلوبة منا أخذ سيرتهم المرضية، وفحص شكواهم، ومن ثم مناقشة حالتهم مع الطبيب المختص ‏للوصول الى التشخيص المناسب، واعطاء المريض خيارات العلاج سواء كانت دوائية أم ‏جراحية.‏

اليوم الذي يليه كان بغرفة العمليات حيث كانت العمليات تستمر ما يقارب الاثنتي عشرة ساعة ‏فضلاً عن الحالات الطارئة، شاهدنا عمليات كنا قد قرأنا عنها في الكتب فقط، وبسبب توفر ‏امكانيات ومعدات محدودة في مستشفياتنا الفلسطينية، كانت مصر فرصة مذهلة لحضور عمليات ‏معقدة ومتقنة لم تمر علينا من قبل.

وكان اليوم التالي للتدريب في قسم الطوارئ، حيث تعرفنا على أسس التعامل مع الاصابات ‏وتقييم حالة المريض تحت اشراف طبيب الطوارئ. وتضمنت بعض الايام ورشاً جراحية تدريبية ‏تعلمنا فيها خياطة الجروح والاسعافات الاولية إضافة الى عدة محاضرات حول أهم المواضيع ‏الجراحية والتي أشرف على تقديمها أطباء بدرجة بروفيسور.‏

مصر أم الدنيا، الشعب المصري من ألطف الشعوب وأكثرهم بساطة وحباً للحياة، استمتعت ‏باقامتي جداً مع أناس طيبين ومحبين للزوار، فاذا إحتجت مساعدة تجد عشرة أيد تمتد لك. وقد ‏اغرقونا كرماً خاصة فيما يتعلق بأحد أموري المفضلة وهو الطعام، أكلهم الشعبي بسيط جداً، لكنه ‏مبارك حسب قولهم، فالكشري بسيط وسهل ولكن يجب أن يصنع بحب كي يكستب طعمه ‏الصحيح.‏

ترك التدريب في مصر أثراً كبيراً في نفسي وتغيير شخصيتي، فقد منحني التدريب فرصة ‏للخروج من منطقة راحتي والنظر للحياة من منظور أوسع، لم يسبق لي الابتعاد عن عائلتي وكنا ‏نتخذ كل قراراتنا سوياً وبعد تفكير ودراسة، في مصر أجبرت على الخروج من هذا النظام ‏وقررت أن أبدأ مغامرة كسر روتين الدوام والدراسة، كنت اعيش كل يوم بيومه فنذهب الى ‏القاهرة ونستكشف أماكن ومعالم بمساعدة بعضنا البعض، تعلمنا التعاون والايثار والعمل مع ‏بعضنا كي نستمتع بيومنا، أما عن نفسي فقد أصبحت أتجرأ بأن أدخل عملية جراحية كنت أخاف ‏من مجرد ذكر إسمها، مناقشة أطباء على درجة عالية من العلم والتقدير بحالات مرضية كي ‏يسهل علي تعلمها، إضافة الى تعرفي على العديد من الطلاب العرب من مختلف الجنسيات ‏وتكوين صداقات جديدة والتعرف على أفكار وثقافات جديدة وتقبل الاخرين بشكل أفضل، كل هذا ‏ساهم في تطوير شخصيتي وزيادة ثقتي بنفسي وبقدراتي.‏

نظرا لكثرة أعداد الحالات وتنوعها، كان التدريب مثيلا بكتاب في الحالات والامراض الجراحية ‏إبتداءً من عمر المولود وحتى صاحب الثمانين عاما، وهذا الامر أفادني جداً بسبب أنني اعتبر ‏نفسي من ذلك النوع من الطلاب الذي يتعلم بالنظر والممارسة أكثر من قراءة الكتب، فما زلت ‏حتى اليوم اذكر الاعراض والشكوى لمريض معين ومن ثم تشخيصه وعلاجه، ومن ناحية أخرى ‏تعلمت طرقاً عديدة لخياطة الجروح إضافة الى خطوات العمليات الجراحية وكيفية ادائها بالشكل ‏الصحيح.‏

أقول للطلبة استمتعو بكل لحظة، انها فرصة من العمر، وشهر لن يتكرر في كل تفاصيله، فكل ‏لحظة مررتم بها ستترك أثرا فيكم، تحديكم لانفسكم سيجعلكم أقوى، ستواجهون صعوبات لكن ‏ستتغلبون عليها، تعاونوا مع بعضكم واحبوا زملاءكم وافتحوا صدوركم للشعوب العربية، لن ‏تشعرو بالفوارق بينكم، ستكونون أمة عربية واحدة مجتمعة ومتفقة على السلام وحب الحياة ‏والعلم وتقبل الاخرين حتى وان اختلفو عنكم، فنحن كلنا اخوة والواحد للجميع والجميع للواحد.‏


Read 469 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية