مصر حقاً أم الدنيا
حصلت على فرصة التدريب في مشفى سعاد كفافي التابع لجامعة مصر في محافظة الجيزة في قسم الجراحة العامة، حيث كان التدريب موزعاً على ثلاثة مجالات تدريبية في العمليات والعيادات والطوارئ. بالاضافة الى محاضرات نظرية وتدريبية في مواضيع معينة ذات أهمية بالغة في الجراحة. كان الطاقم التدريبي متعاوناً جداً ومهتماً بتعليم وبتدريب الطلبة خاصة أن المشفى تعليمي.
بقلم: آية معتصم عبدي
تحرير: علاء ابو ضهير - دائرة العلاقات العامّة
وكان التدريب الاهم في غرفة العمليات، حيث قمنا بحضور عمليات نوعية لا تجرى عادة في المشافي التي تدربت فيها في فلسطين (كعمليات قلب الاطفال وقص المعدة وعمليات المسالك البولية)، حيث كان الطاقم متعاوناً جداً ويقوم بشرح تفصيلي للخطوات. قمنا بأخد دورة تدريبية عن أنواع الخيوط الجراحية وتطبيق الانواع المختلفة من التقطيب الجراحي. وفي العيادة كنا نرى الحالات المختلفة من المرضى ومعاينتهم وفحصهم.
تعلمت أن مصر حقاً أم الدنيا، وأن القاهرة مدينة مليونية فيها جميع الاشكال والالوان من الاثار والبشر باختلاف أفكارهم وتصرفاتهم، إلا أن الروح الجميلة (الفرفوشة) كما يصفونها تغلب عليهم جميعاً، فيها الفقير والمتشرد الذي لا يجد مأوى له، وفيها الغني الذي يسكن في تجمعات سكنية رائعة، فيها المتعلمين بمختلف مستويات التعليم من الدبلوم الى درجة البروفيسور، وفيها (الغلبان) الذي لا حول له ولا قوة، بلد الكشري والطعمية والفراخ، بلد الفراعنة والاهرامات، بلد الازمات والاوتبيسات والمواصلات العجيبة، بلد المتاحف والقصور والقلاع، بلد النيل وسهرات وأضواء النيل الذي لا ينام.
تتشابه مصر مع الدول العربية في حفاظها واهتمامها بالدين الاسلامي، إلا أنها تتفوق عليهم في الهندسة المعمارية للمساجد والبنايات والقصور القديمة والحدائق، الشعب المصري يحاول الصمود رغم الفقر، شعب يحب الحياة رغم كل ما يمر به. مصر دولة قادرة على استحواذ قلبك بكل سهولة بجمالها وأضوائها وأبنيتها العتيقة ومساجدها وأغانيها ونيلها، بكينا عند الفراق كأننا نغادر بلادنا، وهي حقا كانت بلادنا.
كانت المرة الاولى التي أغيب فيها بعيداً عن عائلتي، أول مرة أجرب تجربة السكن الدراسي فكان الامر تحديا بالنسبة لي ونجحت فيه الحمد لله فكنت على قدر المسؤولية، تدبرنا أمورنا وحللنا كل المواقف التي واجهتنا، أهم ما تعلمته هو القدرة على التعامل مع جميع الشخصيات من الشخصيات العصبية والنكدية والخائفة، كنت المندوبة عن جامعتنا لدى جامعة مصر لاستلام المصروف الاسبوعي والتخطيط للمغادرة وترتيب امورنا.
تفتحت بصيرتي على ضرورة السفر بدون أهل وففي فترة الدراسة تحديداً، لما تصنعه هذه التجربة لدى الطالب من تحمل للمسؤولية وثبات على القيم والمبادئ وتعلم مهارات جديدة وتنمية القدرة على التواصل مع مختلف الثقافات والجنسيات. كان أهم تغيير لاحظته هو المرونة في التعامل مع المواقف والاشخاص.
كان أهم كنز في الزيارة هو التعرف على مصر وشعبها وتاريخها، أما من الناحية المهنية فقد كانت الدورة التدريبية للخياطة الجراحية مهمة جداً ومفيدة، بالاضافة الى التواجد في العمليات النوعية مع الاستشاريين الكبار من الجراحين المصريين، بالاضافة الى الحصول على شهادتين تدريبيتين من الجامعة ومن المشفى وبتقدير 95%
التدريب خارج الوطن ضروري جداً وأنصح به بشدة، وللاسف ترى كم أننا نعيش في خندق وفي نقص حاد من الخبرات والموارد، وهذا أمر يدفعك للتقدم والعمل على تطوير وضع البلد مستقبلا بالاضافة الى أنه ينير عقلك في فكرة تكملة الدراسة في الخارج في مجالات يحتاجها الوطن وغير متوافرة لدينا. كما انه يقوم بتطوير قدرتك على التواصل بشكل كبير مع مختلف الافكار والثقافات بالاضافة الى التعرف على ثقافات أخرى والخروج من ضيق الاحتلال وتقييده، وترى كم يعيش العالم بسلاسة وحرية في الخارج.
نصيحتي الاهم هي المرونة في التعامل مع المواقف عند السفر والحرص على عدم تعكير الأمور والعمل على تعريف الناس بوضع الشعب الفلسطيني وقضيته، حيث لاحظنا جهل المعظم بواقعنا المرير، وكيف استغلت الشعوب التبادل الطلابي في التعريف بثقافاتها وبلادها. واختيار التدريبات في مجالات غير متوافرة في فلسطين لتنيمة قدراتك في مجالات جديدة .