جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


إن تخصصي هو ذاك التخصص الذي نتعلم فيه كيف نسعى لتحقيق العدالة، إشاعة الأمان، ‏الحفاظ على النظام، تحصيل الحقوق، صد الظلم، وعقاب الظالم، ذاك التخصص الذي يظنه ‏البعض بيع كلام ومماطلات مع من يخاف أن يدان ويظن أن الوصول للحق سهل التحقيق، ‏وأن استخراج الأدلة بسيط الظهور.‏


بقلم: آية عدوي

تحرير: دائرة العلاقات العامة

بل في تخصصي تعلمت كيف يصان الحق، وتجتمع الكلمات لتخرج كالسيف، وكيف نسهر ‏الليالي لاستخراج الحجج والبراهين والإطاحة بالخصم بأرض المعركة أمام القاضي الرزين. ‏تخصصي هو من يحمل شعار الميزان بكفتين متساويتين فهل عرفتوه؟ نعم صحيح إنه ‏القانون.‏

القانون ليس تخصصاً واحداً جامداً، بل هو تخصص عام وشامل لكافة التفرعات، فيه من ‏يتوجه لحقوق الإنسان، وفيه من يسعى للتعمق بالقانون المدني، وغيره بالقانون الجنائي، ‏والقانون الإداري والتجاري والدولي، والتحكيم وإلى غير ذلك.‏

فأنت حينما تدرس ذلك العالم الواسع ربما تتوه وتضيع بالبداية، أو ربما تكتئب لأنك تشعر ‏بأنك في مجرة واسعة، وما أنت إلا ذرة أو أقل، ثم تبدأ الأمور بالوضوح بعد السنة الأولى ‏حيث ستجد أن شخصيتك قد تطورت وتقدمت ونزعت غلافها القديم، وتشعر أنك بوصلة تتجه ‏نحو ما تحب من فروعه، وتبدأ أفكارك بالظهور وشخصيتك بالمناداة هل من مزيد! إني ‏جائعة، هل من معلومات جديدة؟ ويبدأ عقلك بالإنذار أريدك أن تفكر أكثر أريدك أن تبدع.‏

ستجد أمامك المناظرات القانونية، والحجج القوية التي يجب عليك تبنيها لإقناع الطرف الآخر، ‏وباباً يفتح لك طريقك للمحاكمات الصورية، لتعزيز شخصيتك كمحام على أرض الواقع، وما ‏أن تلبث قليلا إلا وتفتح العيادة القانونية أبوابها للتسجيل فيها لتعش الواقع وتسمع آهات ‏الآخرين مباشرة وتصبح بعد الإنتهاء من العيادة، جزءً من شخصية المستشار القانوني. ‏

وبحلول الفصل الثاني عادة ما تشع شمس المسابقات القانونية فتتحفز نفسك لإستجماع ‏معلوماتك القديمة للوصول إلى الفوز، نعم الفوز لذاك الأرشيف المخزن في عقلك. إن أهم ما ‏يميز القانون عن غيره من التخصصات، هو جلوسك مع نفسك لشحنها وتحفيزها وسعيك ‏لتطوير نفسك في سبيل الإبداع، ثم إختلاطك اللا إرادي مع الآخرين ومحاولة التأقلم مع روح ‏الفريق والجماعة. فكل ذلك يصب بتنمية شخصيتك كمحامٍ أو مستشار أو قاضي أو محاضر أو ‏نائب عام أو شخص تحكيمي حتى.‏

وبعد سنتين من القانون جاءت الفرصة لأكون فرداً في كلية الشرف التي كانت الإنزيم المحفز ‏لجذب كل ما يعزز ويطور الشخصية، كصقل البنية التحتية لشخصيتي بشكل قوي. ساعدتني ‏كلية الشرف كثيراً فكان لها التأثير أثناء مقابلتي لدراسة الماجستير في جامعة بيرزيت، فهي ‏تجمع التخصصات المتعددة وتتعرف على مختلف الأطباع والعقليات المتميزة بتلك الكلية. ‏اكتسبت لغة، اكتسبت أصدقاء، وعالما من التميز.‏

وبعد تخرجي من الكليتين السابقتين، دخلت مرحلة التدريب، هذا المصطلح العملي الذي ‏يرعب الأغلب، وأنا منهم أيضا، لصعوبة التأقلم معه، لكنك مع الأيام تشعر كأنه جزء لا يتجزأ ‏من يومك، وبعد أربعة أشهر من التدريب دخلت الماجستير في جامعة بيرزيت لأكمل طريقي ‏وحلمي في أن اصبح محاضرة في الجامعة، نعم هو حلمي حالياً ولا أعلم ما هي الأحلام ‏الأخرى التي ستظهر في طريقي، فالأحلام لاتتحدد دائما بالبداية، فقد تظهر ببداية الطريق ثم ‏تتطور في وسطه وتكتمل بالنهاية حين نصل إلى ما نريد، بل كلما تصل الى مرحلة تطمح ‏وتطمع إلى الأفضل، أتعلم لماذا؟ لأننا أناس طموحون نريد التميز والإبداع دوماً.‏

وختاماً ويكثر الحديث، لو عاد بي الزمن للوراء وبالرغم أنني من الفرع العلمي، لعدت ‏ودرست القانون هو لا غيره قط، رغم كافة الصعوبات التي واجهتي وما زالت تواجهني، ‏لكنني عشقته وأحببته وأصبح جزءا مني ومن شخصيتي وامتزجنا معا بنكهة خاصة.‏


Read 495 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية