حياتك من صنع أفكارك
حياتنا واقع يومي نعيشه، نعلق عليه آمالنا وآلامنا، وننتظر القدر لنعلل بأنه مكتوب من باسط السموات والأرض سبحانه، وننسى حقيقة أن الإنسان مخيّر فيما يعلم، ومسيّر فيما لا يعلم، ويزداد حرية؛ كلما ازداد علما.
بقلم: ريم جوابرة
تحرير: دائرة العلاقات العامة
أفكارك هي التي تحدد مصيرك، ولكي تدير عجلة حياتك؛ لا بدَّ أن تتخذ قراراتك باتزان أفعالك والتي هي وليدة أفكارك، هبة الحياة للعبد في ذاتها نعمة، خلق الله لنا أروحاً مُستقلة وقُلوباً مختلفة، لنقرر خيارات حياتنا بأنفسنا، فالسعادة والسكينة أو الشقاء والقلق ينبع من خيار أنفسنا، فحياة الإنسان كما السائل الذي يتلون بلون الإناء الذي يحتويه، فمن رضي فله الرضى ومن غضب فله الغضب.
حقيقة الأفكار التي تشتعل في الذهن وتعتمل في النفس هي ركيزة حياتنا، فإن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإن خامرتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، فتذكر دائما أن حياتك هي اختيارك، فعليك أن تغلق أذنيك عن الضجيج الخارجي، وتبدأ بالإنصات لصوت قلبك الذي تجاهلته منذ زمن فغالباً ما يكون صحيحاً.
الإيمان بأنك وحدك من يصنع حياتك لا أحد سواك، فجميع الأديان لن تخرج عن طبيعتها في اعتبار النفس هي المسؤولة عن الأفكار والقرار، والتي بدورها تقدم حياتك فإما صالحا وإما ممقوتا، فالحياة مِن صنع مَن يعشيها، وجملة من الأفكار تحولت إلى عَزيمة فعل، ثم طُبقت على أرض الواقع ضمن سلسلة من المسارات.
إن المرئي هو انعكاس للباطني عند الإنسان ويؤكده، فسلوكنا نتيجة أفكارنا، وسرعان ما تتحول هذه الأفكار إلى قناعات وقيم داخلية، فكثير مَن أحاطوا أنفسهم بعائق الهلع وحاجز الخوف، مما أجهض تطورهم وسعادتهم وإمكاناتهم، وبعضهم يعتقد بأنهم غير محظوظين في حياتهم، فيسبب لهم هذا الاعتقاد الفشل والإحباط، وعدم الإقدام على صناعة مستقبل متألق لحياتهم، وقد نهانا الحبيب المصطفى عن الطيرة والتطير؛ لأنها باب من أبواب الشرك وسوء ظن بالله بغير سبب محقق، فيجب علينا أن ننظر إلى نصف الكأس المملوء، واختلاق المنفعة في المواقف السلبية، لنحافظ على الروح الإيجابية بداخلنا، فالعثرات لا نعتبرها زلة؛ بل فرصة جديدة منحتنا إياها الحياة لنبدأ من جديد.
في عقولنا البشرية تكثر الأفكارالجيدة وتتزاحم في خلق فرص إبداعية في الحياة على جميع الأصعدة، فمن الضروري أن نطهر عقولنا من دنس الأفكار الخبيثة، وصياغتها بكيفية جوهرية من بدايتها حتى لا ندخل في دوامة حيل العقل؛ لأننا كما نعلم عندما نمنع فكرة بإجبار، تلد فكرة أخرى، فلتكن أنت دون تقليد، لتعطي نفسك مساحة من التروي والتمعن، حتى نجعلها تخرج بسلام، يقول (ديل كارينجي) في كتابه (دع القلق وابدأ بالحياة) فصلاً بعنوان: حياتك من صنع أفكارك، وهي حكمة رومانية قديمة، قال فيه اعتقادي الذي لا يتطرق إليه الشك، أن المشكلة الكبرى التي تواجهنا، هي كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة، فالإنسان هو حصيلة أفكاره جميعا، فالعالم الخارجي صورة للداخلي، والعالم الداخلي يرّسخ الخارجي.