ماذا سأكون غدا؟
كنت فتاة صغيرة تعيش حياتها بشكل بسيط، مجتهدة في دروسها تحصل دائما على معدل يفوق التسعين، تحلم وتفكر وتسأل نفسها باستمرار ماذا سأكون غداً؟ حلم راودني طيلة مرحلة دراستي الابتدائية والإعدادية والثانوية.
بقلم: رزان ناصر
تحرير: دائرة العلاقات العامة
طيلة تلك الفترة وأنا أتساءل ماذا سأكون غدا! لعلي سأصبح طبيبة أو مهندسة. لكن سرعان ما تلاشى ذلك الحلم فور انتهائي من امتحانات الثانوية العامة وظهور النتيجة التي لم أتوقعها وحصولي على معدل لم يؤهلني الى دخول التخصص الذي حلمت به، حينها شعرت بأن احلامي قد تبعثرت وضاعت آمالي في الهواء. حاولت تخطي هذا الموضوع وانا أردد الآية القرآنية " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ".
حينها بدأت أفكر بتخصصات دراسية أخرى والتي كان من ضمنها تخصص المحاسبة الذي قمت باختياره كتخصص لي على الرغم من أنني لم أرغب به في يوم من الأيام. لم يكن ضمن مجالات اهتمامي إلا أنني قررت المضي فيه.
تملكني الخوف في أول يوم لي في الجامعة وذلك لأنني كنت أدخل الى مرحلة جديدة مبهمة. كنت قد تعودت على نظام المدرسة وها أنا الآن انتقل الى عالم آخر. وبعدها بدأت دوامي المعتاد وفق روتين يومي كنت أراه مملا الى حد ما. وذلك لأنني كنت فتاة نشيطة تشارك في مختلف الانشطة المدرسية. وحينها تمنيت أن أعود الى المدرسة. رافقني هذا الشعور حتى انهيت سنتي الاولى في الجامعة. وبعدها وفي الفصل الصيفي شاركت في دورة للعلاقات العامة مع برنامج زاجل التابع لدائرة العلاقات العامة. شكلت تلك الدورة بداية لاهتمامي بالتطوع وتغيير وجهة النظر التي تشكلت لدي مسبقا عن الجامعة بأنها تقتصر على الجانب الأكاديمي. بدأت حينها بالمشاركة في أنشطة الدائرة والتي قامت بدورها بصقل شخصيتي وتطوير مهاراتي.
ومن الانشطة التي ساهمت بتنظيمها المخيم البيئي الذي نظمته دائرة العلاقات العامة في الاجازة الشتوية والذي تعرفت من خلاله على التحديات البيئية في فلسطين وكيفية مواجهتها والعمل على تحسين وتطوير البيئة الفلسطينية حيث تضمن برنامج المخيم جولات ولقاءات وزيارة لمدينة بيت لحم حيث تمت زيارة متحف فلسطين لتاريخ الطبيعة والذي يعمل على إعداد الابحاث والتعليم البيئي وحماية التنوع الحيوي وخلق وعي بأهمية الحفاظ على البيئة والتفاعل مع مكوناتها. ثم تمت زيارة مكب نفايات المنيا بمنطقة تقوع حيث تعرفنا على نظام توفير الخلايا لطمر النفايات الصلبة باستخدام نظام العزل لمنع تسرب عصارة النفايات الى المياه الجوفية ونظام نقل العصارة الى بركة العصارة وتضمنت جولة بيت لحم زيارة لقرية بتير للتعرف على العناصر البيئية التي جعلت من القرية موقعاً سياحياً. كما تعلمت الكثير من بقية الزيارات في محافظات رام الله وجنين وطولكرم.
كان كل ذلك جديداً بالنسبة لي حيث لم أزر منطقة جنوب الضفة الغربية مسبقاً، ثم باشرت بالمساعدة في تنظيم برنامج سيران نابلس الثقافي الثاني والذي تعرفت من خلاله على العديد من المناطق التي لم أزرها مسبقاً من مواقع تاريخية وتراثية ومعمارية وصناعية. تركت تلك المواقع أثراً جعلني أذكر كل تفاصيلها لما فيها من تراث وحضارة وأصالة عريقة يعلوها غبار الاهمال.
سأستمر بالتطوع وأنصح زملائي وزميلاتي بأن يطرقوا أبواب التطوع وأن لا تقتصر حياتهم الجامعية على الجانب الاكاديمي فقط، وأن يعملوا بجد على مبدأ تطوع واخدم مجتمعك فهو يحتاجك، معا نحو الافضل لنبني مستقبلا نحقق فيه عبارة " ماذا سأكون غدا؟".