جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


لطالما كنت على أتم قناعة أن المعدلات العالية ليس بمقدورها تطوير فكر أحدهم أو تنمية مهاراته ‏أو صقل شخصيته وتأهيله لما يواجهه العالم من تحديات إنما تضفي برستيجاً اجتماعياً ليس أكثر، ‏لذلك لم تكن يوماً هدفاً أطمح للوصول إليه إن كان في مرحلة المدرسة أو في الجامعة، فالعالم في ‏تسارع لا منتهي بحاجة إلى من يواكب مجرياته بهمّة ويستغل فرصه قدر الإمكان بعيداً عن ‏المكوث لساعات طويلة في الدراسة لتحصيل أعلى الدرجات.‏


بقلم: دينا ابريوش

تحرير: دائرة العلاقات العامة

نتيجة لذلك، بدأ وضعي الدراسي بالتراجع في بداية المرحلة الإعدادية حتى المرحلة الثانوية، فلقد ‏رسبت في مادة واحدة في الصف الحادي عشر وتتابع ذلك حيث لم أستطع تجاوز امتحانات الثانوية ‏العامة "التوجيهي" بسبب إخفاقي في 3 مواد دراسية عام 2011، مع أن الأمر كان متوقعاً إلا ‏أنني خيبت ظن الكثيرين حسب قولهم خاصةً أهلي، ولم يبقى أمامي الا أحد الخيارين إما ان أتقدم ‏لامتحانات التوجيهي للعام الذي يليه أو أن أتوقف حيث وصلت وأسير مع السفن كما تجري ‏رياحها.

 الخيار الأول كان قراري لكن ليس بهدف الحصول على علامة ممتازة ترضي من خيّبت ‏ظنهم أو أن أتفاخر بورقة مزيفة لا تعبّر عني إنما إيماناً مني بأن هذه المرحلة ما هي الا معبر ‏للوصول إلى المرحلة التالية ولا بد من اجتيازها، فكانت خطوتي التالية بأنني انتقلت إلى مدرسة ‏أخرى وباشرت بمتابعة دروسي ومضى العام الدراسي، وما أن انتهت الامتحانات الوزارية للثانوية ‏العامة حتى ظهرت نتائج التوجيهي لعام 2012 وكانت المفاجأة أن اسمي لم يكن مدرجاً ضمن ‏قائمة الناجحين في ذلك العام وتبين في كشف العلامات أنني أكملت في مادة واحدة، فقد كانت مادة ‏الكيمياء تمثل مصدر فوبيا بالنسبة لي، انتابني بعض الاحباط للحظات لكنني كنت مدركة بأن مع ‏تكرار المحاولة سأتجاوز هذه العقبة بلا شك، فقمت بتكثيف جهودي لدراسة هذه المادة استعداداً ‏لامتحان الإكمال الذي عُقد خلال اسبوعين.

وبعد مرور بضع أيام على اجتيازي لامتحان الإكمال في ‏مادة الكيمياء تم الإعلان الكترونياً عن قوائم دفعة الناجحين في امتحانات الإكمال، حينها كنت ‏مستعدة لتقبل فشلي المتتالي والاستعداد لتكرار المحاولة ليس تشاؤماً وإنما خوفاً من مادة ‏الكيمياء، لكن بفضل الله نجحت وحصلت على معدل 74.3 في الفرع العلمي، لم تنتابني تلك الفرحة ‏التي أراها على وجوه الطلبة الناجحين في الثانوية العامة كل عام لأنني ببساطة لم أعطِ الموضوع ‏أكبر من حجمه ولم أعيره اهتماماً على المستوى الشخصي والاجتماعي، وإنما اعتبرته همّ و زال ‏عن طريقي وليس إنجازاً يستحق ان أنتظر المهللين والمباركين من أجله، من ثمّ شرعت بعدها ‏بإجراءات التسجيل في جامعة النجاح الوطنية.‏

مقابل هذا الإهمال بالجانب المنهجي كان للأنشطة اللامنهجية نصيب من اهتمامي، حيث نشأ فيّ ‏حبّ اللغات في صغري، فعملت على تطوير مهاراتي اللغوية من خلال ممارستها في الأنشطة ‏اللامنهجية في سبيل اكتساب تجربة ممارسة اللغة وتجربة المشاركة في تلك الأنشطة في آن واحد ‏دون اتباع الطرق التقليدية في تعلم اللغات، فمشاركتي في سلسلة مسابقات قطار المعرفة الإماراتية ‏زاد من مطالعتي للغة العربية، والتحاقي ببرنامج شبابي لتكنولوجيا المعلومات تابع لشركةCisco ‏ لعب دوراً في زيادة مهاراتي في الحاسوب وعزز لغتي الإنجليزية بشكل جيد، وتمكني من ‏الوصول إلى فرنسا لممارسة اللغة الفرنسية في المرحلة الإعدادية كان سبباً في التحاقي بقسم ‏اللغة الفرنسية في جامعة النجاح الوطنية، وكان لدوري كعضوة سابقة في فرقة الفنون الشعبية ‏الفلسطينية للرقص الفلكلوري تأثيراً على اهتمامي بالجانب التراثي الفلسطيني، أضيف إلى ذلك ‏مشاركتي بفعاليات الإنتاجات العلمية في جامعة القدس - أبو ديس.‏

أما خلال فترة حياتي الجامعية فبدأت سنتي الأولى بالانضمام إلى مجموعة النجاح التطوعية في ‏بداياتها وشاركت في حملات تطوعية خيرية، وتابعت في سنتي الثالثة كمدربة متطوعة للرقص ‏الشعبي "الدبكة" في مؤسسة الشيخ عمرو عرفات بالبلدة القديمة في نابلس، وتزامن ذلك مع ‏انضمامي لدائرة العلاقات العامة وبرنامج التبادل الشبابي الدولي "زاجل"، حيث شاركت في العديد ‏من الورش التدريبية سواء باللغة الإنجليزية أو الفرنسية وتنظيم فعاليات مختلفة، ومن ثم شاركت ‏في تسجيل برنامج إذاعي باللغة الفرنسية في إذاعة صوت النجاح التابع لمركز الإعلام بالجامعة.‏

ولا أنسى فضل جامعة النجاح وبالأخص مركز الخدمة المجتمعية الذي أتاح لي الفرصة أن أمثل جامعة النجاح في ألمانيا واكتساب خبرة فريدة من نوعها من خلال المشاركة في ورش عمل اختصت بمواضيع سياسية وقانونية وثقافية واجتماعية باللغة الإنجليزية، وأيضاً كان لعمادة شؤون الطلبة دور بارز في إتاحة الفرصة لي لأمثل فلسطين وتراثها الشعبي في النرويج.

خلاصة قولي هذا، ليس عيباً أن يبدأ المرء حياته بخطوات ظاهرها الفشل بل من الضرورة أن يكون الفشل حجر أساس في مسيرة حياته حتى تتجوهر الخبرة الكافية للوصول إلى مستوى النجاح المطلوب، وخير دليل أن معظم الناجحين إن لم يكن جميعهم حال وصولهم إلى القمة يتغنون بسلسلة فشلهم كقصص إلهامية ليعطوا تحفيزاً أن لولا فشلهم المتكرر وإصرارهم على المضي قُدُماً لما وصلوا إلى ما هم عليه الآن.


Read 573 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية