جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


بدت أيامي عادية في الجامعة. أجدّ وأجتهد بالدراسة لتحقيق فهم متواضع لهذا العالم، لعل دراستي ‏للبيوتكنولوجي جعلتني أهتم بالتفاصيل وأدقق بجزئيات الامور. من المعتاد بنظام الجامعة أن تكون هناك ‏استراحة عن الدوام اليومي لمدة ساعة والتي نعتبرها من أجمل الأوقات والتي توفر لنا حرية التنقل بين ‏أرجاء الجامعة بين المكتبة والمسجد وحاسوب العلوم ومركز اللغات والتعرف على من أصبحوا لاحقا ‏أصدقاء.‏


بقلم: عدين ظافر

تحرير: دائرة العلاقات العامة

وخلال إحدى محاضرات علم البيئة زارتنا طالبة تشع طموحاً وتبادلت بعض الكلمات مع الدكتور وظهر ‏لنا أن هناك اتفاقاً مسبقاً على دخول القاعة والقاء بعض الكلمات. تحدثت الينا وقالت أنها بصدد انشاء ‏جمعية للبيئة ولمن يرغب بالتطوع تسجيل اسمه على ورقة صغيره فكنت أول المبادرين لأنني بحاجة ‏للمزيد من الاعمال في وقت فراغات الجامعة.‏

‏ لم اكن اعلم انني اسجل اسمي لأكون أحد مؤسسي جمعية أصدقاء البيئة في جامعة النجاح الوطنية. لم أكن ‏أعلم أن من سجلوا اسماءهم على تلك الورقة سيصبحون أصدقاء الروح والطموح. مضت بنا الايام ‏وانطلقت في الجامعة جمعية شبابية بيئية بجهود طلابية. سمحت لنا الجامعة بتنفيذ الانشطة كيفما نشاء. ‏تنامت وتصاعدت افكارنا وأصبح لدينا أصدقاء من خارج الجامعة يشاركوننا نفس الهدف. اجتمعنا ‏لساعات طوال في مكتبة الجامعة نناقش افكار وخطوات لتنفيذ انشطة طلابية بحتة. فرضنا انفسنا داخل ‏الجامعة مما شجع العديد من التجمعات الطلابية على انشاء جمعيات مشابهة داخل الاقسام والكليات. زادت ‏المنافسة باختلاف الاهتمام وزاد التحمس لتقديم العمل الاكثر تميزاً كما نشأت فرص للتعاون مع الجمعيات ‏الأخرى.‏

تنقلنا من قاعات الدراسة لقاعات الاجتماعات ووزعنا أدوارنا الادارية. كنا نغطي تكاليف الجمعية من ‏مصروفنا الشخصي إلا أننا كنا نشعر أن لدينا اموالاً طائلة فكنا ندوّن مصاريف الشيكل والعشرة شواكل ‏في دفتر خاص. قصة نشأت بعقولنا وطبقناها على أرض الواقع وكأنها مدينة افلاطون الفاضلة بقوانينا ‏الخاصة. يتتابع المتطوعون على هذه الجمعية الى اليوم ولنا الفخر جميعاً انها لا زالت قائمة.‏

جامعتي ليست كتباً ومقاعد وقاعات دراسية فقط. بل مكاناً يحتضن الفكر المحلق عالياً. صحيح أن الامر ‏ليس سهلا لكن مع قليل من العناء والكثير من الاصرار فهمنا التسلسل الاداري وكيفة رفع  الكتب وكيفية ‏إقناع الآخرين بفكرتنا للسماح بتنفيذها.‏

تعرفت على برنامج زاجل للتبادل الشبابي الدولي وتدربت فيه من خلال دورة آليات تنظيم الحدث وكيفية ‏تنظيم أي نشاط من الالف الى الياء. أذكر النصائح التي وجهها لنا منسقو برنامج زاجل عن أهمية ضمان ‏الاستمرارية في الجمعية وذلك كي لا تكون موسماً طلابياً ينتهي بتخرج الطلبة. أكملنا النقاش حول أهدافنا ‏وانصرفنا. كانت تلك الملاحظات من أكبر الدوافع للتحدي الرائع. زاد اهتمامنا بالاستفادة من كل ما ينظمه ‏برنامج زاجل من دورات في مجال العلاقات العامة وأصول التعامل مع المؤسسات وتنظيم الفعاليات ‏والمناسبات. لا تحتاج لأكثر من زيارة واحدة لبرنامج زاجل بدائرة العلاقات العامة حتى يتم تشجيعك على ‏التطوع في مجال يتناسب مع اهتماماتك. أصبحنا اسماً في الجسم الطلابي في الجامعة وأصبحت من ‏الناشطين فيها. ‏

صقلت شخصيتي وزاد شعوري بالاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار فتجربة السكن الجامعي كان لها ‏الدور الابرز في هذا المجال وتقبل الآخر واحترام الاختلاف وانتقاء الكلمات بالخطاب كلها مهارات ‏ومفاتيح للحياة ما بعد الجامعة والتهيؤ لسوق العمل.‏

كبرت جمعية أصدقاء البيئة ونمت شخصيتي وشخصيات الاصدقاء معها. معارف وأنشطة وانجازات ‏وأفكار كثيرة. ترأست الجمعية لسنة واحدة ونفذت خلالها 40 نشاطاً. انشغلت خلال تلك الفترة عن زاجل ‏وأنشطته الى أن وصلتني رسالة تقول أن هناك دورة لإعداد كادر لتنظيم المخيمات الدولية فبادرت حينها ‏للتسجيل وكان أحد محاور هذه الدورة هو كيف تستقبل ضيفاً دولياً في مدينة نابلس والتنقل بين مواقعها ‏الاثرية ومصانعها ومختلف ملامحها التاريخية مما زاد ارتباطي بهذه المدينة التي تحتل حيزاً كبيراً من ‏ذكرياتي.‏

هذه رؤوس أقلام أو محطات من حكايتي مع نابلس وجمعية أصدقاء البيئة وبرنامج زاجل والسبب وراء ‏هذه الاهتمامات هي جامعة النجاح الوطنية. كانت سنواتي فيها من أجمل أيام حياتي الى حد يدفعني ‏لوصفها بالعصر الذهبي في حياتي حيث لمع اسمي خلالها ولمع فؤادي بالعلم. فالعلم ليس ما وجد بالكتب ‏فقط وإنما هو خلاصه التجارب والانجازات في هذه الحياة.‏


Read 660 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية