جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


بينما كنت أتصفح برنامج الفيسبوك، قرأت خبراً معززاً بالصور عن نشاط خيري لدعم الاطفال الأيتام والذي نظمه برنامج (بصمة) بالجامعة، استفسرت عن البرنامج وأنشطته الخيرية لتابعة لجمعية (مهندسون بلا حدود) في كلية الهندسة فنال اعجابي ما بقوم به الطلبة من جهود خيرة لخدمة المجتمع فالتحقت بهم وشاركتهم استكشاف ما هو جديد علينا في هذا البلد. تطوعت بجمع التبرعات من أهل الخير لتوفير دخل ولو بسيط لعائلة معدمة تعيش في أحد مخيمات اللاجئين في مدينة نابلس، هذه العائلة التي امتلكت غرفة صغيرة غير مستغلة فقمنا باستصلاحها وبفتح بقالة شكلت مصدر رزق العائلة الوحيد.


بقلم: أروى حنون....تحرير: دائرة العلاقات العامة

كانت تلك التجربة بداية تحول في حياتي الجامعية التي غلب عليها طابع متابعة المحاضرات وقتل الوقت مع الأصدقاء، نقدّم الامتحانات وندرس معاً، ولكن هذا الروتين اليومي الجامعي جعل من هذا النمط من الحياة اليومية حياةً تفتقر للتجديد والحيوية.

خشيت أن أتخرج من الجامعة كما دخلتها، رقماً آخر يضاف الى سلسلة الارقام التي يكتظ بها الوطن، راودني شعور بالذنب والتقصير تجاه طموحاتي المستقبلية، آمنت أن التغيير خطوة لا بدّ منها لبناء شخصيتي المهنية والاجتماعية والسير تجاه تحقيق طموحاتي.

 وللتخلص من هذه المخاوف، شاركت بعدة أنشطة كتوزيع الطرود الغذائية لعائلات محتاجة، ساعدتنا هذه الأنشطة على التعرف على أوضاع الناس والعائلات في البلدة القديمة في مدينة نابلس، ثم تطوعت بنشاط آخر للحفاظ على المعالم الأثرية مما ساهم بتعريفي على تاريخها وهويتها، وكذلك الأمر بشأن التطوع في خدمة الأطفال الايتام والمسنين وغيرها من المساهمات الطلابية والإعلامية الهادفة الى تمكين الشرائح الاجتماعية المهمشة، ساهم هذا البرنامج بتنمية مهاراتي وساعدني على التعرف على أفراد غدوا أصدقاء أعزاء وهكذا كبر هذا البرنامج ليخدم شريحة واسعة من الطلاب لتعم الفائدة ويتدرب الطلبة على العطاء وتعزيز الانتماء لمجتمعهم.

شاركتُ بعدة دورات وورش عمل أسهمت ببناء مهاراتي المختلفة حيث شاركت بدورات في مجال المحادثة باللغة الانجليزية وتدربت على أيدي متطوعين بريطانيين من برنامج زاجل للتبادل الشبابي الدولي تلتها دورة أخرى في مجال إجراء مقابلات العمل وكتابة السيرة الذاتية نظمتها وحدة الكفاءات لتطوير مهارات الخريجين وورش عمل أخرى في مجال فنون المناظرة ودورات في الاسعاف الاولي مع الزاوية الأمريكية في الجامعة.

لاحقا تعرفت على جمعية مهندسي الكهرباء والالكترونيات والتي ُتعنى بالتطور والتغيير في مجالات الهندسة والعلوم والتكنولوجيا وسرعان ما تطوعت وشاركت بالأنشطة والورش التي نظمتها الجمعية فشاركت برحلة الى مصنع رويال في مدينة الخليل وزرنا بلدتها القديمة واطلعنا على معاناة أهلها، ثم شاركت بمسابقة نوعية أقامتها هذه الجمعية في وادي قانا، وسميت مسابقة البحث عن الكنز حيث قسّم القائمون على المسابقة المشاركين إلى مجموعات تحمل كل منها خارطة ومساراً معيناً في الوادي للبحث عن الكنز مما ساعدنا على التعرف أكثر على الموقع وملامحه، هذا بالإضافة الى مشاركتي باليوم العالمي لجمعية مهندسي الكهرباء والالكترونيات والذي تقيمه الجمعية لفروعها في العالم ثم تسلمت لاحقاً مسؤولية الشؤون المالية للجمعية والتي كانت مَهمّة صعبة ومسؤولية كبيرة تعاملت معها بمهنية ودقة نمّت لدي مهارة التعامل بالأمور المالية.  

بالإضافة الى مشاركتي بمسابقة القادة البيئيون التي نظمتها جمعية "مهندسون بلا حدود"، حيث قمنا بتطبيق فكرة منتج شاحن للاجهزة اللوحية يخزن الطاقة بطريقتين شمسية وكهربائية، ويخزنها في مخزّن للطاقة لتتم الاستفادة منها لاحقاً والذي تم التقدم به لمسابقة جمعية (عين) حيث حصل المنتج على المرتبة الاولى ضمن المشاريع التي تم تقديمها على مستوى الجامعة وتأهل للمرحلة التالية التي تمت على مستوى الدول العربية في الاردن.

فيما بعد، التحقت بدورة مع برنامج زاجل للتبادل الشبابي الدولي التابع لدائرة العلاقات العامة في الجامعة، اشتملت الدورة زيارات ثقافية وميدانية في مواقع مختلفة في مدينة نابلس كالبلدة القديمة ومخيم بلاطة وتل بلاطة وقبر يوسف وكنيسة النبي يعقوب وحي الطائفة السامرية كما تعرفنا خلال الدورة على الصعوبات التي تواجهها هذه المواقع كما تدربنا خلال الدورة على كيفية السفر وتبعاته من حجز التذاكر ومعاملات الفيزا واختيار الفنادق الملائمة بالاضافة الى المنح الدراسية وكيفية البحث عنها وتعبئة طلباتها.

وتتابعت سلسلة اهتماماتي بالأنشطة اللامنهجية فالتحقت بالمخيم الدولي الذي نظمه برنامج زاجل وشاركت بدورة عن اللغة والثقافة التركية كما شاركت خلال هذا المخيم بزيارات لمختلف المناطق في مدن الضفة لتعريف المتطوعين الدوليين بالأوضاع السائدة وتراث البلد، ومن خلال هذه المشاركة تعلمت كيفية التنسيق مع الجهات المنوي زيارتها. زرنا الجولان السوري المحتل خلال رحلة ثقافية نظمها زاجل للتعرف على الظروف التي يعيشها السوريون تحت الاحتلال الاسرائيلي وكذلك شاركت برحلة ثقافية أخرى لبرنامج زاجل الى الاحياء العربية في مدينتي حيفا وعكا والقرى المهجرة التي لا تزال شاهدة على حقبة آليمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وتواصلنا مع السكان العرب الصامدين وتعرفنا على ظروفهم المعيشية وصمودهم على ما تبقى من أرضهم.

وتعززت اهتماماتي ببرنامج زاجل فتطوعت للمساعدة بتنظيم المخيم البيئي التثقيفي الذي تعرفنا من خلاله على المشاكل البيئية التي تواجه المجتمع الفلسطيني، كان لبرنامج زاجل الأثر الكبير بتعريفي على ثقافات عالمية لم أهتم بها من قبل فتعرفت على الثقافة الفيتنامية وتاريخ البوسنة والهرسك وقبائل الأمازيغ والتاريخ الاسلامي بالأندلس وذلك من خلال اشتراكي بتنظيم فعاليات ذات علاقة بهذه الثقافات وتاريخها.

ساعدني تطوعي بالبرامج الطلابية اللامنهجية في الجامعة على صقل تجربتي وتطوير خبراتي ومعرفتي بالإضافة الى تعرفي على أصدقاء جدد من مختلف التخصصات الاكاديمية الامر الذي عزز مهاراتي في التعامل مع الافراد بالشكل المناسب بغض النظر عن الظروف وأولويات الوقت مما ساعدني على التدرب على الصبر وسعة الصدر والمرونة في التعامل والقدرة على مواجهة المتاعب والتحديات وبذلك تكتمل خطة الحياة التي وضعتها لتطوير ذاتي فالأهداف والطموحات تحتاج لسعي وعمل مستمر وتدرب من أجل الوصول للأفضل. لا زال المشوار مستمراً ولم ننجز منه إلا القليل فالطريق طويل وشاق ويحتاج للكثير من المهارات كي يكون لنا مكان تحت الشمس. 


Read 1910 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية