خلال التدريب قد تتعلم أموراً لم تتعلمها في سنوات
تضمنت فرصتي التدريبية القيام بأبحاث ودراسة تتعلق بموضوع معين تم الاتفاق عليه مسبقاً، وكان موضوعي البحثي هو التصميم الميكانيكي الحيوي للهياكل الروبوتية القابلة للارتداء والتي تقوم بعدة مهام تخدم الإنسان، منها مساعدة كبار السن والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين لديهم مشاكل في الحركة ناتجة عن إصابات أو مشاكل منذ الولادة أو شلل دماغي على استعادة الحركة مجدداً أو عمل إعادة تأهيل، أيضاً يمكن استخدام هذه الهياكل الروبوتية في المصانع والعديد من التطبيقات التي تحتاج الى جهد كبير.
بقلم: أحمد عناب
مكان التدريب : جامعة هوكايدو - سابورو - اليابان
من الأمور التي تعلمتها خلال تواجدي في مكان التدريب هي إجراء تجارب حول الخصائص الميكانيكية والحيوية والحركية للإنسان لتصميم هيكل روبوتي. بالإضافة الى تعلم استخدام العديد من معدات المختبر كأجهزة التصوير المغناطيسي والإشعاعي والسي ان سي الخاصة بالتطبيقات الهندسية الطبية والتعامل مع العديد من تطبيقات الميكانيكا الحيوية والمجسات المختلفة ودراسة الإنسان والروبوت بدراسة متوازية واستخدام تطبيقات هندسية لتحليل البيانات والإستفادة منها.
تدربت في اليابان وعرفت الكثير عن شعبها وعاداته وتقاليده، اليابان بلد مليء بالمفاجآت، والذي نسمعه عنها في الإعلام ما هو إلا القليل مما يمكن أن يكتشف في ثنايا هذه البلد الرائعة، شعبها الخلوق الذي لا يتوانى لحظة عن مساعدتك حتى وإن كان لا يجيد اللغة الإنجليزية، وحتى فقد يمشي معك مسافة طويلة ليرشدك الى غايتك دون أي شعور بالإنزعاج. الشعب الياباني شعب عملي، دوماً ما تجدهم يسيرون بسرعة ويعملون بجد واجتهاد، يحترمون النظام ليس فقط احتراماً للقانون بل لأن النظام أصبح جزءً من عاداتهم وتقاليدهم.
الشعب الياباني لا يهتم بالدين كثيراً، ومع ذلك يحترم الديانات، قد لا تخلو بلد في العالم من العنصرية، ولكن في اليابان لم أشهد على أي شكل من أشكال العنصرية المتواجدة في بلدان كثيرة، على العكس تماماً، الشعب يتقبل كل الديانات بكل سرور وحتى وإن كان لا يعلم الكثير عنها.
في السكن الجامعي الذي أقمت فيه، كان هناك قسم خاص للمسلمين في المطبخ لمراعاة الشرائع الإسلامية المتعلقة بالطعام. وحتى في العديد من الحفلات والمناسبات، كانوا زملائي يسعون دوماً لفهم هذه الشرائع والسعي لأن يكون هناك طعام أو شراب يتناسب مع القيم الدينية لي، وهو أمر كان عظيماً جداً.
الشعب الياباني شعب لطيف ودود يستخدم التعابير الجسدية والكلامية كثيراً، وهذه هي إحدى تمسك الناس بالنظام هو جزء عظيم من ثقافتهم.
أضاف التدريب لي خبرة عملية في مجال متفرع من مجالات تخصصي وهو ما يسمى بالبايوميكاترونكس أو علم الميكاترونيات الحيوية وهو محل إهتمامي الشديد. هذا المجال لديه العديد من التطبيقات منها الروبوتات الطبية والهياكل الروبوتية والأطراف الصناعية الروبوتية وحتى الروبوتات التي تحاكي الإنسان مميزاتهم. في اليابان لديهم الكثير من العادات والتقاليد، منها منها عدم تقبل استخدام الهاتف أثناء ركوب القطار والميترو، قد لا تواجه مشكلة فعلية ولكن قد يتم النظر اليك نظرة استغراب وتعجب. أيضاً الأكل أو الشرب في الطريق العام أمر مستهجن خاصة عند كبار السن، ولكن أيضاً لنتتعرض لأي مشكلة، ولكن من الأفضل الوقوف في مكان ما وتجنب السير وتناول الطعام في وقت واحد. اليابان بلد تمتاز في النظام والنظافة حتى مع عدم وجود أي حاوية للنفايات في الشوارع. وكل شيء يسير في نظام من التخلص من النفايات في البيت حسب جدول معين وبشروط معينة إلى دورات المياه الذكية الى التنقل و شراء الطعام والى كل مفاصل الحياة. اليابان بلد آمن حتى لو بعثرت نقودك في الشارع فلن تجد من يسرقها، بل لديهم نظام منتشر من المدارس الى أماكن العمل وحتى الأماكن العامة وهو صندوق المفقودات، وهو ما يعكس أهمية الأمانة عندهم. وما أثار دهشتي في اليابان أيضاً هو التطور الياباني الذي جعل كل الأجهزة والسيارات وكل المقتنيات التي يستعملها الناس صناعة يابانية وأجود ما يكون.
التدريب في بلد خارجي يجعلك تتعامل مع شعوب مختلفة وتنظر الى الشعب من منظور أقرب من منظور السائح لذات الشعب. يعطيك فكرة أكبر عن الإختلافات بين البشر وضرورة تقبل أن هذه الإختلافات هي جسر للتواصل ولتعلم المزيد وتبادل الثقافة والخبرات. وقد زاد التدريب التمسك بأن العيش في بيئة مختلفة والسفر يعتبر أفضل مدرسة. أيضاً زاد نظرتي الى أن النظام ليس فقط بتشريع قوانين بل هو كيف تجعل والكائنات الحية المختلفة.
أنصح الطلبة المقبلين على التخرج بالسعي للتدريب في المجال الذي يستهويهم أكثر في تخصصهم والتركيز عليه، حتى وإن كان هذا الشيء يستدعي السفر الى بلد آخر. فقد تتعلم أمور عديدة في الناحية الاجتماعية والعلمية في شهور لم تتعلمها في سنوات.