خريج النجاح الذي ترك بصمة عالمية في جراحة الأعصاب
ولدت ونشأت في مدينة نابلس ودرست في مدارسها ودخلت كلية الطب في جامعة النجاح الوطنية في عام ٢٠٠٧، واتخدت قرار إكمال تخصصي في مجال جراحة الأعصاب في الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنة الثانية من كلية الطب حيث كان هذا القرار نابعاً من ندرة هذا التخصص في فلسطين ووجود العديد من الحالات التي يتم تحويلها أو تأخير علاجها لعدم وجود الإمكانيات اللازمة مما دفعني للبحث أكثر عن الموضوع.
بقلم: نمر أديب أبو شهاب
تحرير: دائرة العلاقات العامّة
كانت فكرة التخصص في أمريكا في تلك الفترة غير واضحة من ناحية المتطلبات والامتحانات المطلوبة، كما كانت الفكرة الشائعة بأنه لا يمكن لطالب أجنبي دخول التخصصات الجراحية في أمريكا، ولكن بتشجيع من الأهل بدأت التفكير بشكل جدي بالموضوع والبحث عن كل ما يلزم لأبدأ هذه الرحلة الغير واضحة المعالم.
خلال السنة الثالثة من دراستي في جامعة النجاح، راسلت العديد من الجامعات الأمريكية للمشاركة في فترة بحثية في جراحة الأعصاب في أمريكا، لكن لم يكن هناك أي رد إيجابي وكل الطلبات التي أرسلتها رفضت، وخلال السنة الرابعة وهي أول سنة للتدريب العملي في كلية الطب قمت بمراسلة الجامعات الأمريكية مرة أخرى للحصول على فترة تدريب عملي في مجال جراحة الأعصاب وبعد مراسلة عشرات المراكز، حصلت على قبول لمدة شهرين في الصيف الذي تلى السنة الرابعة وكانت أول تجربة لي في أمريكا، ومن هنا كانت البداية.
خلال فترة التدريب الأولى في أمريكا تعرفت على بعض جراحين الأعصاب الذين ساعدوني في المشاركة بأول أبحاثي العلمية وأكملت التعاون معهم بعد العودة لكلية الطب في جامعة النجاح، وكان لهم دور كبير في تشجيعي على الاستمرار بهذه الطريق.
بعد السنة الخامسة لي في دراسة الطب، أكملت فترة تدريبية لمدة ٣ أشهر في عدد من المؤسسات الطبية الأمريكية والتي كان من بينها مستشفى جونز هوبكنز والذي لا يسمح بالعادة لغير المواطنين الأمريكيين بالتدرب فيه، لكن تميزي خلال الفترة الماضية ساعدني بالتخلص من العديد من العقبات.
تخرجت من كلية الطب في جامعة النجاح الوطنية عام ٢٠١٣ بمنحة تفوق، ومن خلال التعاون مع الجراحين في أمريكا نجحت في نشر ١٥ بحثاً محكماً في مجال جراحة الأعصاب في مجلات عالمية.
وبعد انهاء فترة الامتياز والتي قدمت خلالها امتحانات المزاولة الأمريكية تم قبولي لمزاولة بحثية ما بعد الدكتوراة أو ما يسمى Postdoctoral Research Fellowship في جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس انجلوس.
وكانت هذه المرحلة من أكثر المراحل التي ساعدتني على توسيع علاقاتي في مجال جراحة الأعصاب والمشاركة في عدد من الأبحاث الطبية، حيث قدمت خلال مرحلة المزاولة البحثية لبراءة اختراع عن قطعة جراحية بالتعاون مع رجل الأعمال الفلسطيني مهند جاد الله، والذي ساهم وما يزال يساهم بشكل دائم بدعم الإبداع للشباب الفلسطيني.
وبفضل الأبحاث التي قمت بنشرها في مجال جراحة الأعصاب بالإضافة الى براءة الاختراع، كرمتني الحكومة الأمريكية بالحصول على الجنسية الأمريكية عن فئة مواهب استثنائية تخدم المصلحة الوطنية الأمريكية أو Exceptional Abilities in the National Interest، وكان لهذا التكريم الاستثنائي أثرٌ إيجابي كبير في مسيرتي العلمية والعملية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم بعدها قبولي في مزاولة بحثية لمدة سنة في كلية الطب في جامعة هارفرد لدراسة علاج انتفاخ الشرايين في الدماغ باستخدام الشبكيات، وخلال هذه الفترة قمت بمشاركة أبحاثي في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية، وأسست بالتعاون مع السيد مهند جادالله شركة MedSolace الطبية والتي تهدف إلى تسهيل وصول المرضى إلى صورهم وفحوصاتهم الطبية من أي مكان ومشاركتها مع الأطباء بسهولة في أي وقت، ونهدف الى إيصاله إلى الوطن العربي ومساعدة المرضى في تلك المنطقة على التواصل مع أخصائيين في أي مكان من دون الحاجة للسفر.
قدمت بعد ذلك إلى تخصص جراحة الأعصاب في عام ٢٠١٧ وتم قبولي في قسم جراحة الأعصاب في جامعة لويزيانا ومستشفى Ochsner، حيث نشرت خلال الفترة الماضية ما يقارب المئة بحث طبي محكم في كتب طبية في مجال جراحة الأعصاب، وتم اقتباس أبحاثي في ما يقارب ٦٠٠ بحث اخر، وتم تكريم الأبحاث بأربع جوائز في مؤتمرات عالمية ومحلية من ضمنها الاجتماع السنوي لجمعية الجراحين الأمريكية والكونغرس الأمريكي لجراحة الأعصاب.
وبعض هذه الأبحاث ساهمت في تغير آليات العلاج المتبعة في أمريكا والعالم، وبعض التصنيفات حملت إسمي الاخير كتصنيف أديب لانتفاخ الشرايين الواقع في تفرع الشريانات الرئيسية في الدماغ Adeeb's Classification for Cerebral Bifurcation Aneurysms والذي يساعد في تحديد طبيعة العلاج المناسبة وتم نشره في مجلة Neurosurgery.
وفي عام ٢٠١٨ كنت أصغر مقيم جراحة أعصاب ينجح في الامتحان الكتابي للبورد الأمريكي في جراحة الأعصاب خلال سنتي الأولى من التخصص، وهدفي الرئيسي بعد الانتهاء من فترة التخصص هو العودة للوطن وتطبيق ما تعلمته هناك بهدف الحد من التحويلات الطبية والمساهمة في تقليل المضاعفات الناتجة عن تأخر العلاج، وآمل ان أساهم بالارتقاء بمستوى العلاج الطبي في فلسطين.
رسالتي إلى طلاب الطب والشباب الفلسطيني هي ألا تسمح لأحد أن يسرق حلمك، حيث كانت فكرة التخصص في جراحة الأعصاب في أمريكا صعبة للغاية ولكن لم أدع شيئا يقف في طريقي لتحقيق حلمي، فلا تسمح لأحد أن يخبرك أن هناك شيء لا يمكنك تحقيقه، ولم يكن لدي في أي فترة من الفترات خطة ثانوية لأي شيء قررته وعملته خلال مسيرتي والتي من من ضمنها مكان ومجال التخصص، فوجود خيار بديل وثانوي يجعلك لا تتشبث بالخيار الرئيسي لديك.
كما أن فترة دراستك في الجامعة هي فترة طويلة لتتخرج منها فقط بشهادة علمية فقط، كلنا لدينا المجال للإبداع والتطور فلا تجعل المنافسة مع الآخرين هدفك الرئيسي وإنما اعمل على ما يساهم بتحسين مستقبلك بالإضافة الى شهادتك، واعمل على توسيع شبكة علاقاتك خلال دراستك وما بعدها، فهي أكبر عامل يساهم في تطوير مهاراتك ووصولك إلى مراحل متقدمة أكثر، ولا تخشى من الرفض أو عدم الرد فهذا شي طبيعي واجعله حافزاً للتقدم والإصرار على تحقيق هدفك.