جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


كما يجب أن تكون البداية، تخرجتُ من الثانوية العامة بمعدل جيد جداً. ثمرة اجتهادي لسنوات ‏وليالٍ طويلة رغم التحديات التي واجهتُها، والتعب أثناء تلك المرحلة، يعلم جميعنا أن تلك ‏المرحلة بالتحديد هي مفصل هام في حياتنا وقد يكون هذا المفصل هو الاشد صعوبة، للطالب ‏وللأهل وذلك لكثرة ما يعانيه من ضعط وتوتر حتى تنتهي تلك المرحلة.‏


بقلم: زهرة شعبلو

تحرير: دائرة العلاقات العامة

انتهت مرحلة الثانوية العامة في يوم لا يُنسى، حيث تم إعلان نتائج ما زرعناه منذ اثنتا عشرة ‏سنة. أنا والاهل والأقارب، ولسوء الحظ، تأخر صدور النتيجة، باتت لدي شكوك بأنني فشلت ‏ورسبت، لكنني لم أفقد الأمل، ذهبت الى مدرستي وبحثتُ بين الاسماء بقلب قلق، وحين وجدتُ ‏اسمي "زهرة" بين الاسماء الناجحة غمرتني الفرحة، مر شريطٌ الذكريات بسرعة كبيرة، ‏اختلطت بدموع وابتسامة وشعورٍ لا ينسى، فضلاً عن الكثير من الحمد والشكر والفرح.‏

حان وقت إكمال مسيرة الأحلام، حان وقت بدء مرحلة الدراسة الجامعية، اخترت جامعة النجاح ‏الوطنية، حصلت على مقعد دراسي، وكما خططت لأحلامي، توجهت لتخصص الصحافة، كانت ‏العقبة الاولى التي واجهتها في تلك المرحلة هي معدلي في الثانوية العامة، لم يمنحني ذلك ‏المعدل حق دراسة ذلك التخصص، توجهت الى دراسة تخصص اللغة الإنجليزية، بتردد وتخوف ‏من الاقدام على تلك الخطوة، لم أتصور أنني سأكمل مسيرتي الدراسية في تخصص لم يكن ‏بالحسبان. تخصص كل ما أعرفه عنه هو أن مجاله مقتصر على عملية التدريس والتعليم في ‏المدارس. لم أجد نفسي مطلقاً هناك، لكنني توكلت على الله وثابرت وبدأت بأول مراحل الجامعة ‏كأي طالب جديد، لم تخل تلك المرحلة من المشاعر المختلطة بين الخوف والرهبة والامل ‏والسرور لما منحني الله من فرصة دراسية رافقها تحمسي الممتزج ببعض القلق من تلك الخطوة ‏الجديدة في حياتي.‏

كنت وحدي دون أصدقاء، دون مساعدة، ساعدتني اختي التي كانت في الجامعة، مما افقدني ‏بعض التحمس في البداية لكنني بدأت ببناء علاقات جديدة وأُناس جُدد كانوا لي بمثابة الأهل ‏وأصدقاء العمر.‏

تعلمت اللغة الإنجليزية خلال اثنتا عشرة سنة في المدرسة ورغم ذلك لم تكن دراستي للغة ‏الانجليزية سهلة بل صعبة نسبياً ومعقدة، كانت كل المواد باللغة الإنجليزية، أصبحت أحفظ ‏واترجم وأقدم البريزنتيشن بالإنجليزية، وهو ما لم أعتد عليه خلال دراستي بالمدرسة، كان ‏التحدي الأكبر والأصعب هو التكيف مع هذه اللغة، لكن كنت قد اتخذت عهداً على المثابرة ‏والتحدي بإرادة قوية مؤمنة بأن لكل مشكلة حل وكل صعب ليس بمستحيل. ‏

كانت سنوات الجامعة كفيلة بتعريفي على الكثير من الزملاء الطلبة والأساتذة من مختلف الأماكن ‏والجنسيات مما زودني بما لم أمتلكه من قبل من معرفة ووعي وثقافة، فأصبحت شخصيتي أقوى ‏وأصبح اهتمامي بتخصصي أكثر عمقاً.‏

لم يكن تخصص اللغة الإنجليزية مجرد لغة نتعلمها ونتداولها كمادة تعليمية، فهي الجزء الأساسي ‏لكسر حاجز الخوف والتردد من الخوض في الحديث أو الحوار مع الضيوف الأجانب ومناقشتهم ‏باللغة الإنجليزية مما زودني بشعور مفعم بالراحة والثقة.‏

بدأت أشعر بما حولي، أصبحت الجامعة بمثابة البيت الثاني لي، المكان المحبب بكل زاوياه، لكل ‏مكان ذكراه وقصته، وفي كل قاعة معلومة جديدة اكتسبتُها، أصبحت اجتماعية أكثر، محاطة ‏بالكثير من الرفقة والكثير من الأساتذة العظام، منهم الشديدين الذين ساعدونا على الوصول الى ‏ما نحن عليه اليوم من فكرٍ وعلم وقوة، بدأت أفهمُ معنى وضع الشخص المناسب في المكان ‏المناسب. ‏

لكل بداية نهاية، انتهت مرحلتي الجامعية، ومثلما بدأتها بفرحٍ وخوف انهيتها بفرحٍ وحزن، فرح ‏لما أنجزته بفخر وتفوق، وتخوف من انتهاء مرحلة هي الاجمل في العمر. فرح لشهادة امتلكتُها ‏بعد جهدٍ وتعب، لكن حصة الحزن كانت لها الأكبر لِما سأتركه خلفي من ذكريات وزميلات ‏وسنوات لا تُنسى ومن مواقف ودروس قادتني الى ما أنا عليه الآن، اختفت الرهبة التي رافتني ‏في البداية، حل محلها شوق وتعلق، ورغم ذلك اكملتُ المسير ولكن ببعض الخوف من المجهول ‏فأنا لم أحصل على وظيفة بعد.‏

زرت دائرة العلاقات العامة في الجامعة للحديث عن مناقشة مشروع تخرجي ونشره على صفحة ‏الجامعة الرسمية، ومن هنا كانت البداية لتحمس من نوع آخر، أعجبني الجهد المميز الذي ‏يقومون به لرفع معنويات الطلبة وتوثيق انجازاتهم المنهجية واللامنهجية، والتركيز على نشر ‏مشاريع تخرج الطلبة لتعم الفائدة والمنفعة، وكي تصل مشاريع تخرجهم الى أوسع شريحة في ‏المجتمع، ومن أجل امتلاك الخبرات العملية في العمل تقدمت بطلب الى دائرة العلاقات العامة ‏للاستفادة من خبراتها، وبادرت للتطوع والتدرب فيها، كنت مُستجدة، لم أفهم تماماً موضوع ‏التطوع، لكن الموضوع شدني لأن وقت فراغي قد إزداد وعليّ أن استغله بما هو مُجد ومفيد.‏

إبتدأت باكتساب خبرة جديدة بموضوع التطوع والاتصال والتواصل والعمل على وسائل ‏التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى اللازم للنشر على صفحة الجامعة الرسمية من إجراء ‏للمقابلات مع أعضاء الهيئة التدريسية والحصول على معلومات منهم حول مواضيع ذات فائدة ‏للمجتمع، مواضيع تقدم خدمة معرفية وقيمة معلوماتية يستفيد منها المشاهد. مما جعلني أشعر ‏بأنني لا زلت جزءً من الجامعة وحياتها الاكاديمية وأنشطتها المنهجية واللامنهجية. ‏

على الرغم من انتهاء دوري في الحياة الاكاديمية الا أن التطوع قد علمني أن هناك الكثير لتعلمه ‏وأن هناك المزيد من الابواب التي يجب طرقها وفتحها في مجال الخبرات الحياتية والاجتماعية ‏والادارية والاكاديمية، تعرفت على الجامعة كمتطوعة وليس كطالبة، زادني التطوع قدرة على ‏تحمل المسؤولية وزودني بالقدرة على التخطيط لتنظيم الانشطة، وجعل مني أكثر قدرة على ‏التواصل والاتصال.‏

إن الدخول في معترك جديد في الحياة يعتبر بمثابة تحد جديد لا بد منه، ويمثل التطوع فرصة ‏للتكيف مع ضغوط الحياة والتدرب على مواجهتها وحل مشاكلها والبحث عن المزيد من الفرص ‏التي تحتاج للمثابرة والجهد. نحن لا نموت بل نتجدد، وكما ردد اجدادنا فإن الضربة الي لا تُميتنا ‏تزيدنا قوة وهذه ليست نهاية المشوار، فطالما ما زلت على قيد الحياة، فهناك الكثير مما استطيع ‏انجازه، فالمشوار لا زال في بدايته ولا زال لدي الكثير من الاحلام الاكاديمية والعملية التي لا بد ‏من تحقيقها فالاحلام التي لا نحققها هي أحلام مؤجلة لا بد من العمل على تحقيقها. ‏


Read 706 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية