جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


كل شيء يمكن أن تعوضه، كل شيء (وأعنيها حرفياً) مهما كبرت أبعاده أو صغرت، تستطيع تعويض حلمك بالسفر، سيتحقق ما دمت تسعى. لكن صدقني سنين دراستك لن يستطيع أحد تعويضك عنها فاستغلها جيدا. الكرسي الذي تجلس عليه، توفر لك بفضل الله، الكثير الكثير يتمنى كرسيك، استفيد منه بذكاء وسخره لمصلحتك! 


بقلم: ديما جرار

تحرير: دائرة العلاقات العامة

التجارب سواء كانت شخصية عشتها بنفسك، أو غيريّة قام بها غيرك، هي معلّم ناجح ومفيد. الناجحون هم الذين ‏أفادوا من ‏تجاربهم الفاشلة والناجحة على حد سواء. إن كلّ شخص يحكي لك عن قصّة حدثت معه، أو تجربة ‏خاضها في مجال العمل ‏والدراسة والحياة، هي تجربة يمكن أن تضيفها إلى رصيد تجاربك. امنح هذه الكلمات ‏قليلا من وقتك. لعلها تكون تذكيراً أو علماً ‏يضاف إلى خزين معلوماتك، وقد قيل: «في التجارب علم مستفاد».  ‏

تختلف المرحلة الجامعية اختلافاً جذرياً عن المرحلة المدرسية. فأنت هنا مطالب بجد أكبر مما كنت تبذله في ‏السابق. ولعل من ‏أكبر التغييرات في حياتي حتى الآن تمثلت في الانتقال بين هذين العالمين المختلفين. ‏لست بصدد التحدث عن المفارقات بينهما ‏هنا، فقد يطول الحديث في ذلك. وإنما سأكتفي بتلخيص تجربتي ‏المتواضعة في كليهما. ‏

‏في صيف عام 2013 تخرجت من الثانوية العامة بنسبة 93.7 وهي نسبة لم تتوافق وطموحاتي ‏ولا حتى توقعاتي، لكن كانت ‏كافية لالتحاقي بالتخصص الذي طالما لم أتخيل نفسي يوما إلا طالبة فيه، ألا وهو ‏تخصص اللغة الانجليزية وآدابها. طوال ‏المرحلة المدرسية كنت تلك الطالبة "النشيطة" التي تلتحق بكل ناد ‏علمي أو ثقافي أو رياضي. اشتركت في عدد من المسابقات ‏على مستوى مديرية التربية والتعليم. كنت أصيب ‏أحياناً وأحيانا لا، لكن كان يكفيني شرف المشاركة. ‏

اشتركت منذ المرحلة الابتدائية في عدد من مسابقات اللغة العربية، اللغة الانجليزية، العلوم والرياضيات. ولن ‏اغفل الحديث هنا ‏عن بعض المسابقات اللامنهجية، كمسابقة حفظ القران الكريم التي حصلت فيها على ‏المركز الثالث على مستوى تربية قباطية. ‏هناك أيضاً مسابقة الحديث النبوي الشريف والمسابقة الثقافية. وأخيراً ‏كان قد تم ترشيحي لتمثيل المدرسة في مسابقة للخط ‏العربي. وبهذا تركت المدرسة برصيد يمكن وصفه بالجيد.‏

مثل عام 2013 المرحلة المفصلية، حيث كانت فيها بداية المشوار الجامعي الذي سيستمر لأربع أعوام. لم أكن ‏في الحقيقة أملك ‏أدنى توقعات حول كيف ستكون أو هل من تغيير سيجري على روتين حياتي أم لا. لكن كلما ‏كنت أسمعه أن نمط الحياة الذي ‏استمر لمدة اثنتا عشرة سنة سيتغير حتما. وأنها مكان للدراسة "حصرا".  لم ‏أزر يوماً أي جامعة، سوى زيارة وحيدة لجامعة ‏الخليل عام 2012. أما بالنسبة لجامعتي الحالية، جامعة النجاح ‏الوطنية فلم أكن أراها سوى من خارج الأسوار. بعد فترة من ‏الانتظار والترقب لبداية السنة الدراسية الجديدة، ‏وأخيرا جاء اليوم المنتظر. ما زلت أتذكر جيداً أول يوم للدوام في الجامعة، ‏وتحديدا النصف ساعة الأولى، فكنت ‏كمن أدخلته في متاهة ولا يدري في أي اتجاه يسلك. ‏

مع مرور الأيام تبلورت فكرة الحياة الجامعية أكثر فأكثر، وأصبحت الوجوه والأماكن أكثر ألفة، وبدأت أتأقلم مع ‏نظام التدريس ‏المختلف أيضا. خلال السنة الأولى، جل تركيزي كان حول الدراسة فقط، دون التطرق إلى ‏التعرف على الفرص الأخرى المتاحة ‏في الجامعة. كنت قد افتقدت تلك الشخصية النشطة، بمعنى آخر لم أجد ما ‏يستهويني ويملأ وقت فراغي. لذلك وفي السنة الثانية ‏بدأت المشاركة في عدد من الدورات، الندوات وورشات ‏العمل وأدركت أن هناك فرصاً ونشاطات أخرى لتشغل نفسك بها غير ‏المكتبة والدروس والمحاضرات المتتالية. ‏اشتركت خلال السنتين الثانية والثالثة بعدد من الدورات التدريبية فمنها ما كان منظما ‏من قبل الزاوية الأمريكية ‏أو وحدة تنمية الكفاءات أو من قبل برنامج زاجل للتبادل الطلابي التابع لدائرة العلاقات العامة.عدد ‏منها يتعلق ‏ببناء الشخصية أو حتى في أصول الكتابة الإبداعية، بالإضافة لعدد من المجالات الأخرى. كنت قد اشتركت ‏أيضا ‏بالتعاون مع وحدة تنمية الكفاءات ومؤسسة انجاز العرب في مشروع لإعادة تأهيل مركز تعليمي ترفيهي ‏للأطفال في مخيم ‏عسكر، والذي حمل اسم "ومضة". ‏

في بداية السنة الرابعة ومع قرب نهاية هذا المشوار، كان لا بد من انتهاز أي فرصة تلوح لي. فبالإضافة ‏للمشاركة ببعض ‏الدورات التدريبية، كان لا بد من البدء بالعمل التطوعي. نعم، أدرك تماما أن هذه الخطوة أتت ‏متأخرة، لكن أن تأتي متأخرة خير ‏من ألا تأتي بتاتا. طالما أردت أن أتخذ هذه الخطوة، لكن لسبب ما لم يحدث ‏ذلك ومن يعلم قد يكون هذا هو الأخير والأفضل. وها ‏نحن اليوم على بعد أشهر قليلة من التخرج، سنخرج ‏ونحمل كل تلك الذكريات والقصص والدروس التي مررنا بها. فتصوري ‏حول الجامعة تطور مع الزمن، من ‏مجرد مكان للدراسة والمحاضرات حصراً إلى مكان يساعدك على اكتشاف مواطن الضعف ‏والقوة بنفسك، في ‏حال عرفت كيف وإلى أين توجه نفسك.‏


Read 667 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية