لن يشيب الحلم يوماً

كأي فتاة ترسم في خيالها حلماً وطموحاً عالياً تسعى جاهدة لتحقيقه، هي بداية قصتي التي سأكتب أحداثها وأشارككم بها، أنا هي الطالبة التي كانت منذ صغرها تضع دوماً نصب عينيها هدفاً تعيش من أجله، الرقم (99) هو الرقم الذي كنت أكتبه كل يوم على دفتري حتى جاء اليوم الذي انتظرت فكان (99.6) هو معدّل الثانوية العامة (التوجيهي) الذي أكرمني الله به، فرحة كلما تذكرتها تعجز كلماتي عن وصفها.
بقلم: هديل دعباس
تحرير: دائرة العلاقات العامة
غير أن هناك شيءٌ آخر هامّ ومفرحٌ أيضاً وهو أني كنت بمعدلي هذا باكورة افتتاح للفرع الدراسي الجديد عام 2012 وهو (الفرع الشرعي) للدراسة الثانوية والذي لا يعلم الكثيرون بوجوده ولم ينل حظه كباقي الفروع.
كانت تلك محطتي الأولى وتلتها المحطة الثانية وهي التحاقي بكلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية، والبدء بمشوار جديد مع تخصصي الذي أحببته ووجدته كنزي المليء بالجواهر (الفقه والتشريع) أحد التخصصات الثلاثة المطروحة في الكلية، تخصصي الذي أمضيت أربع سنوات وأنا أتنقل بين مواضيعه ومساقاته فكان البحث وحب الاستطلاع وتعلم المزيد هو ضالتي، لم أكن على علم بأني سأجد ما وجدت فيه من إرث فقهي وفكري وعقلي عجيب وعميق لم أرَ بمثل روعته وعظمته، جعل مني الناقدة للفكرة الباحثة عن الدليل والبرهان القارئة لكل ما هو جديد.
لم يصنع الإرث الفقهي الشرعي بشر عاديون وأناس عابرون بل كانوا علماء عباقرة جهابذة يقرأون ويبحثون يصلون ليلهم بنهارهم وهم في تفكّر وتأمّل شغلهم الشاغل آية وحديث علم وقاعدة أصل وفرع نقاش وحوار حتى ألّفوا هذا الكم الضخم الهائل من العلوم التي وصلت إلينا، تُرى كيف كافأناهم نحن على حسن صنيعهم هذا وكيف أكملنا مشوارهم وإرثهم العلمي الذي تركوه! جعلنا كلامهم حبيس مؤلفاتهم وجعلنا أسلوب التعليم كله قائماً على الحفظ والبصم والتقليد بدلاً من التفكير والربط والتحليل والتجديد.
أنا الطالبة التي أفخر بتخصصي وأحبه لدرجة أنني لا أرى تخصصاً غيره يستحق مني هذا الحب والإخلاص والاحترام والتقدير بل وحتى الكلام. لا يفوتني الحديث عن كلية الشرف التي تشرفت حقاً بأن كنت إحدى طالباتها، والتي كان لها النصيب الوافر في تطوير شخصيتي وتوسيع آفاقي ورفع سقف طموحاتي ومعرفتي بطلاب متفوقين رائعين من شتى الأقسام والتخصصات.
وختام محطتي الثانية كانت في شهر أيار 2016 حيث تخرجت وكنت الأولى على كليتي العزيزة بمعدل (3.97) بفارق عشر عن الأول على الجامعة، وأما محطتي الثالثة فكانت التحاقي ببرنامج (الفقه والتشريع) بكلية الدراسات العليا في الفصل الأول 2016-2017، واجتيازي (12) ساعة بتقدير ممتاز، وها أنا ذا في فصلي الثاني أبحث وأفكر بعنوان جديد ومعاصر لرسالة الماجستير، لن أقف هنا بإذن الله بل سأكمل محطتي القادمة وهي الدكتوراه وسأبذل قصارى جهدي كي يصل دين الرحمة للناس ليعرفوا عظمته ويتذوقوا روعته وسأسعى لتحقيق حلمي حتى النهاية فلن يشيب الحلم يوماً طالما هناك إرادة وإصرار وطموح على الوصول.