جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


بدأت تجربتي  بطرح اسئلة كثيرة على نفسي تتراوح بين كيف ومتى وأين! كيف سأحقق أحلامي ومتى ‏سأحققها! أين هي الفرص وأي طريق أختار‎ !‎لم تكن التجارب التي خضتها سهله بالنسبة لفتاة لم تتجاوز ‏العشرين من العمر. لم تكن لي تجارب سابقة خارج اطار المدرسة سوى دورات فنيه كنت قد تعلمتها في ‏صغري في بعض المؤسسات التي تعمل بها والدتي‎.‎‏ ابدعت في الاشتراك بالدورات منذ الصغر حين كنت ‏في الثالثة عشر من العمر حيث تعلمت الفنون من رسم وخط وحفر على النحاس والزجاج وغيرهم‎ .‎


بقلم: هالة سلامة

تحرير: دائرة العلاقات العامة

كنت حينها اعتقد ان الحياة دائما ستتيح لي تلك الفرص لأطور نفسي فكنت سعيدة بذلك. لكن سرعان ما ‏انقلبت الامور الى روتينية بحتة بعدما انهيت التوجيهي بمعدل 85 في الفرع الادبي. التحقت بجامعة ‏القدس المفتوحة في بلدة بديا. لكنني لم أكن سعيدة بالحياة الجامعية التي تملؤها الروتينية والراحة الى حد ‏الكسل  وهذا ما يخالف شخصيتي النشيطة التي تدأب دوما على البحث عن كل جديد .

أدركت انني لن اكتشف ما خلف هذه البلدة إلا إذا خرجت للمغامرة وحدي الى كل هو جديد.‏ فحولت الى ‏جامعه النجاح بعد سنه امضيتها بالقدس المفتوحة وبالطبع كنت قد تنازلت عن عدد الساعات التي قطعتها ‏بالقدس المفتوحة.‏

بالبداية لم يكن الامر سهلا علي أمام أقوال الطالبات اللواتي قلن لي أنك ستتأخرين عنا كثيراً. أيعقل ‏فعلك"! في الحقيقة لم كانت قناعتي بأنني سأتقدم عليهم جميعا. وسيتأخرون عني في النهاية وأني سأصل ‏قبلهم الى الطريق. تماما كقصة الارنب والسلحفاة. فطريقهم وإن كانت قصيرة سهلة إلا أنها أبعد بكثير من ‏أن تسبقني الى النجاح لان هدفي وهدفهم كان واضحاً فأنا أريد أن أطور نفسي بكل وسيلة وهم يريدون أن ‏ينجزوا ما عليهم من ساعات ليتخرجوا سريعاً.‏

بدأت حياتي تتطور عندما التحقت بجامعه النجاح ليس لانني اخترت تخصص الادب الانجليزي فحسب بل ‏لأنني قد قمت باستغلال فرصة النظام الذي لا يسمح بالتخصص إلا بعد اجتياز عدد وفير من الساعات ‏الاجبارية والاختيارية للكلية والجامعة ثم اجتياز أربعة مواد  قبل التخصص.‏ كنت بتلك الفترة قد بدأت ‏مسيرتي بمساق خدمة المجتمع مع الاستاذ اياد الاقرع فكانت اول فرصة لي في السنة الثانية للخروج عن ‏مسار الجامعة الى ما اريد. خدمت بمدرسه للذكور الاساسية بروح معنوية عالية كالظمآن الى كأس ماء ‏والمتشوق لأي عمل تطوعي. ‏

فتحت لي الفرصة خلال تلك المحاضرات للتعرف على أحد مؤسسي مجموعه طلاب النجاح التطوعية. ‏كنت نشيطة بعمادة شؤون الطلبة حيث كنت قد تطوعت مع الدائرة وبدأت أتعرف على الجامعة من ‏منظور اوسع من المنهاج فعرض علي ان أنضم الى مجموعة طلاب النجاح التطوعية كقائدة واحدى ‏المؤسسات القدامى. فقبلت بكل ترحاب وبدأت رحلتي التطوعية ونشاطاتي بتنظيم عدة نشاطات لامنهجية ‏في الجامعة وخارجها مع المؤسسات التعليمية والاجتماعية. كنت احدى منسقات الصفحات الالكترونية ‏لطلاب النجاح- نابلس والتي كانت صفحة للطلاب وخدمتهم  والرد على استفساراتهم وذلك من خلال ‏خبرتي في عمادة شؤون الطلبة والمجموعة التطوعية .

ثم ما لبثت الى أن اوقفت اعمالي التطوعية بسبب انشغالي بأول فترات تخصصي فقد كانت البداية صعبة ‏كأي تخصص آخر. لم تكن تلك الفترة حجة مقنعة لنفسي لان استريح وانخرط بمجال الدراسة فقط لأنني ‏كنت اعلم أنني لا أقوى على الروتين فاستثمرت تلك السنة بتكثيف الدورات بشكل كبير في مجالات ‏الادارة والعلاقات العامة والمحادثة الانجليزية والتخطيط وإدارة المكاتب. لا ادري ما الذي دفعني للتنويع ‏بتلك الدورات. لم تكن هناك وظيفة تنتظرني ولا وعود بأن اعمل عليها. لكنني وجدت القناعة بأنني يجب ‏أن أنوع خبراتي لأنها حتما ستفيدني على الصعيد الشخصي أولا وعلى الصعيد العملي ثانيا. ‏

تعرضت بتلك الفترة لانتقادات حادة من بعض الطالبات اللواتي كنت ارافقهن. أكاد أجزم ان هناك خطأ ‏لدى بعض الطلبة يصب في دائرة "اذا مش تخصصي ليش اوجع راسي فيه" إن هذه النظرة السلبية بعيدة ‏عن الصواب فليس هنالك عمل مهدور ولا انجاز بلا قيمة، بل على العكس من ذلك فإن قيمة الانسان بما ‏يتعلمه لان هناك دوماً علم نجهله وخبرات تنقصنا لا تُسَدّ إلا بملئها.

بدأت بالمشاركة بالعديد من الدورات في عده مجالات. ليس هذا فحسب بل كنت اتواصل مع المدربين ‏وأتطوع معهم في المؤسسات التي يدربون بها وبذلك اخذت الكثير من الدورات واكتسبت الكثير من ‏الخبرات في مجال العمل في مختلف المؤسسات والجمعيات الى ان تغذى عقلي بالكثير من التجارب.

ساهمت الدورات التي التحقت بها في مجال التواصل والتخطيط والادارة والعلاقات العامه بتقوية ‏شخصيتي بشكل كبير الى الدرجه التي زادت من تعطش النفس الى خوض تجربة جديدة في هذا المجال ‏فانضممت الى دائرة العلاقات العامه في جامعه النجاح وبرنامج زاجل بعدما حددت هدفي في ذلك ألا وهو ‏تطبيق ما تعلمت قدر الامكان. أتاح لي زاجل تطبيق ما تعلمته في تخصص الادب الانجليزي والدورات ‏التي اخذتها في سنتين وذلك في تجربة جميلة وهي تنسيق دورة في السياحة والسفر مع المدربه الامريكية  ‏لورين وورث. على الرغم من الضغط الذي تعارض مع دراستي إلا انني اجتزتها بسهوله. لم يقف الامر ‏على ذلك فقد استثمرت كل دورة جديدة في برنامج زاجل لأتعلم منها كالمؤتمرات والندوات والتعامل مع ‏الاجانب الى التعرف على البلدان والعالم من خلال المعارض التي كانت تقام عن الجزائر والمغرب ‏والاندلس وغيرها. تزامن ذلك مع رغبتي بتحقيق حلم طالما وددت بتحقيقه ألا وهو دراسة هندسة الديكور.

لقد كنت موهوبة منذ صغري في مجال الرسم والديكور ورسم البيوت من الداخل والخارج الى الدرجة ‏التى جعلت اهلي يعتقدون انني اعيش في احلام اليقظة. لم أدرك جوانب هذا الاهتمام الفني لدي إلا بعد ‏تعلمي الكثير في الحياة. قررت أن أحقق هذا الحلم ودرسته في معهد العلوم والثقافة بنابلس وحصلت حديثا ‏على شهادتي المصدقة من التربية والتعليم وأنا الان بعدما انهيت مشروع تخرجي فيه الذي استغرق مني ‏وقتا وجهدا وضغطا اكبر بكثير من التجارب السابقه إلا انني انجزته بنجاح  وبكل عزيمة وإصرار. انا ‏الان اعمل في مجال الديكورات كعمل شخصي وفي مكتب هندسي بنابلس .لقد كانت التجربة الاروع التي ‏تعلمت منها افضل دروس الحياة ألا وهي: الارادة وقوة التغير خير سبيل لتحقيق اصعب الاحلام وأيضاً ‏حب التحدي الذي لا يولد من فراغ فلولا لحظات الخوف والألم والتوتر لما نجحت ولما عشقت التحدي.‏


Read 491 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية