سأصبح يوما ما أريد
عندما يطلب منك الحديث عن نفسك يتوجب عليك أن تتذكر كل التفاصيل، الحلو منها والمر، مما يتطلب بعض الجرأه لمشاركة ما عشته من ظروف. ربما كانت التجارب الأليمة أكثر من الجميلة لكن علينا التعايش مع واقعنا مهما كان.
بقلم: تحسين الشولي
تحرير: دائرة العلاقات العامة
أبدأ حديثي بما يتعلق بشخصيتي خلال مرحلة المدرسة، فقد كنت تلميذاً قليل الاختلاط بالاخرين واعيش في عالمي المصغر (المدرسة) سعيت جاهداً لأن أكون شيئاً يذكر ولم أجد غير الكشافة المدرسية سبيلا لذلك، تقدمت بطلب للانتساب وتمت الموافقة عليه، شعرت آنذاك أنني قد حققت انجازاً رغم بساطته، ولكن لم تمنحني الكشافة ما سعيت لأجله إذ كانت مجرد فرصة لقضاء الوقت وسرعان ما عدت للانكفاء على ذاتي كالسابق.
عندما وصلت المرحلة الثانوية التي تعتبر نهاية المطاف للبعض وبداية الطريق للبعض الآخر حددت مصيري بإختيار الفرع التجاري فلم تكن الدراسة أحد إهتماماتي يوما. لم أحظ بذاك المعدل الذي يطمح اليه الطلبة، علاوة على ذلك طالما ظن والدي استحالة نجاحي حيث أصبحت فاشلاً وغير قادر على تقديم أي انجاز يذكر وقد كنت قد اعتدت على ذلك الشعور إذ كنت لا أعلم ما أريد.
كنت أكره الدراسة ومع ذلك أحلم بمعدل يؤهلني للإلتحاق بقسم الصحافة رغم استحالة الأمر إلا أنني كنت أتمنى لو تحدث معجزة ما وأحصل على ما أريد ولكن ما نيل المطالب بالتمني. لم أستطع تحقيق ما حلمت به. التحقت بكلية الإقتصاد رغم عدم معرفتي بماهية التخصص، كانت الجامعة بمثابة عالم آخر غريب. عالم لم أرغب به في البداية لأنني لم أدخله بصفتي وموقعي الحقيقي فقد دخلته من باب غير الباب الذي رغبت به كطالب للصحافة. لم استطع التأقلم، كانت بدايتي سيئة حيث حصلت على إنذار أكاديمي بسبب المعدل التراكمي.
أما على صعيد الحياة الجامعية فقد سمعت صدفة من صديق لي أن هناك دورة تنظمها دائرة العلاقات العامة. تمنيت دوماً أن أحسن أسلوبي بالتعامل مع الآخرين ورفع مستواي في التواصل وكانت تلك اللحظة بداية لمرحلة جديدة وهامة في حياتي الا وهي مرحلة التحاقي بدائرة العلاقات العامة كمتطوع.
بدأت الدورة وكانت بمثابة بوابتي على العالم لا بل بوابتي الذهبية للتواصل مع المدربين الاجانب. شعرت أنني قد باشرت بالتعرف على ذاتي وعلمت أن هذا هو مكاني الصحيح وهذا ما أطمح أن أكون عليه، اكتسبت مهارات عديدة كان أهمها كيفية الإنخراط بالمجتمع ومؤسساته والبعد عن التعصب، اتخاذ القرارات السليمة بعد دراسة جميع جوانبها واحترام الرأي والرأي الآخر، عدم الانحياز والتحكم بالغضب. تعلمت ذلك من خلال مساعدتي بتنظيم العديد من الفعاليات والورش التي تشرف عليها دائرة العلاقات العامة.
بعد ذلك قررت أن أكون جزءً من هذا المناخ الجميل فقررت التطوع أكثر والمشاركة بالنشاطات المختلفة. أتذكر أن أول نشاط لي كان خلال مؤتمر (تيدكس) الذي عقدته الجامعة لمشاركة الأفكار التي تستحق النشر من قبل مجموعة من الرياديين في مجالات مختلفة، قمت أيضاً بالتقدم لدورة تصوير إحترافي تابعة لدائرة العلاقات العامة في الجامعة وابدعت خلالها بالتصوير مما رفع معنوياتي واشعرني بأهميتي ومكانتي في مجتمع الجامعة. التحقت أيضا بدورات لتقوية لغتي الإنجليزية وتعلمت الاشراف على تجهيزات الصوتيات للمدرجات. كانت هذه التجربة من أكبر إنجازاتي في الجامعة إضافة إلى ذلك مشاركتي بحفل خريجي الجامعة القدامى الذي أعطاني فسحة كبيرة من الأمل فمهما طال الفراق لا بد من اللقاء يوما ولو بعد حين وأن الصداقة الحقيقية لا تتأثر بالبعد.
كانت هذه تجربتي في سطور فأنا لم أتجاوز التسعة عشر عاماً، ولا زلت ادرك أن الطريق أمامي طويل. آمل أن أصل الى غايتي وأصبح محترفاً في مجال التصوير وإن لم يكن لذلك علاقة بمجال دراستي، ربما أغير تخصصي الجامعي مستقبلا وأكمل مسيرتي في مجال العلاقات العامة فهي حياة لا يعلم الا الله إلى أين ستأخذنا ولكني الآن على يقين تام بأنني سأصبح يوما ما أريد.