جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


يُقال إنه لكي تصل لا بُد أن تحمل في قلبك إيمانًا كبيراً، والفكرة إنما تقوى إذا قوي الإيمان بها. ‏بدايةً، لم أكن أحسن حالاً من طلاب السنة الأولى الذين ولجوا إلى ساح الجامعة مشتتي الذهن، ‏حائرين، ولا يملكون أدنى فكرة عن الحياة الجامعية سوى أنها ملاذ المثقفين ومعقل أهل العلم.


بقلم: بنان جوابره

تحرير: دائرة العلاقات العامة

كانت لدي طاقات كثيرة تنتظر مني أن أصبُها في أعمال ومبادرات عديدة، وكانت لدي الأفكار ‏التي تشكّل وقوداً لتلك الطاقات. كنتُ كلما هممتُ بالبدء بفكرة جديدة، وجدتني أغرق في بحار ‏التنسيقات الإدارية الهامة والبيروقراطيات التي لم يكن لدي أدنى علمٍ بها، وتخبّطتُ بمطبات الجهد ‏والالتزام الكبيرين الذان يلزماني، فكنت سرعان ما أتنازل عن أفكاري تلك لقلة حيلتي. ظللت على ‏هذه الحال حتى جاءت الفترة التي انكببتُ فيها مجدداً على قراءة تاريخ الأندلس، فعكفت على ‏القراءة والمشاهدة والتأمل، وكنتُ كلما جالت في نفسي خاطرة، أسرعت إلى زميلاتي في القسم أو ‏صديقاتي في السكن الجامعي وقصصتُ عليهنّ موقفاً ما أو عبرة مستخلصة من ذلك التاريخ الثري ‏بالعبر، وهذا مما لا يغيب عن بال مطلع على التاريخ أو قارئٍ للأدب العربي أو مهتمٍ ‏بالاختراعات والنظريات التي أنتجها العرب، فجلُّها احترافُ علماء الأندلس وأدبائهم، عامتهم ‏وخاصتهم، لا تكاد تأفل عنهم شمس المعارف، ولا ينسدل عليهم ستار الجهل حتى تفرقوا.

ومما ‏صدمني آنذاك، هو قلة معرفتهن، أي صديقاتي، بالتاريخ الأندلسي التليد، فكثيراً ما كنتُ أفاجأ ‏بأسئلة من مثل: ما هي الأندلس؟ أين تقع؟ أو من هو الأمير الفلاني؟ عمّ تتحدثين يا بنت؟ فأتمالك ‏رأسي بين يديّ ألاّ يقع من هول الصدمات، ومن هنا أخذتُ على نفسي عهداً بأن أبادر بإحياء حقبة ‏من أهم الحقب التي عاصرتها الأندلس حتى ازدهرت حضارياً وثقافياً لتصير حُلم العشاق وبيتاً من ‏بيوت الشعراء وأغنية من أغنيات فيروز‎.‎

فكرتُ بإعداد معرضٍ أندلسي يخدم تطلعاتي ويعين على إيصال رسالتي التي مفادها أنّ في ‏تاريخنا العربي والإسلامي ما إذا قرأناه وتأملناه واستنبطنا منه العِبر لقويَت به عزائمنا وصنعنا به ‏مستقبلنا ومستقبل أوطاننا، وأهم من ذلك: لعرفنا منه أخطاء من خلفونا، فحضارة الأندلس لم تبرح ‏أن تكون الشعلة التي تنير دربنا نحو نهضة بلادنا فلسطين. ولكن، هذه المرة لم أعمد إلى تكرار ‏أخطائي السابقة عند البدء بأي مشروع، فعمدتُ إلى البحث عن جهة أو جمعية تتبنى فكرتي هذه ‏وتمُدني بالموارد البشرية والمالية اللازمة. اتجهتُ لمراسلة إحدى الصفحات الطلابية المعروفة ‏على الفيسبوك والتي تمثل مهندسي الجامعة في شأني هذا، فقاموا بربطي بالجمعية الطلابية ‏المعروفة ب (مهندسون بلا حدود). وبعد اللقاء التعارفي الأول، صممنا على إقامة المعرض في ‏مطلع الفصل الدراسي الأول للعام 2015‏.

في الحديث عن تجهيزات المعرض المنشود، كنتُ أذهل لِما رأيتُ من الطاقات والقدرات الشبابية ‏الفذة أثناء إدارة أو تنسيق العمل في المعرض. الجميع منكبٌّ على العمل بحماسة، الأفكار تتوالد ‏تباعاً من الجميع، والمتطوعون من الفرق الطلابية لا يفتأون يزودوننا بالأشعار والأغنيات ‏والمعلومات الثقافية الخاصة بالأندلس. ولا يغيب عن بالي مسؤولو جمعية مهندسون بلا حدود ‏الذين تفانوا في إيجاد الجهات الممولة للمعرض، بالإضافة إلى الجهات الإعلامية المعروفة. ‏باختصار، كان عملاً جباراً أثمر معرضاً من أفضل المعارض التي أقيمت في الجامعة بشهادة ‏الحضور بفضل الله.

سعينا من خلال المعرض إلى توفير جوٍ أندلسي للزوار من خلال عرض ‏اللوحات الفنية التي كانت نتاج أنامل طلاب من الفنون الجميلة، بالإضافة إلى مجسّماتٍ تجسّد ‏الاختراعات الأندلسية كالساعة المائية والإسطرلاب والنظارات وغيرها -وكانت هذه المجسمات ‏ثمرة جهد المتطوعين أيضاً. كما كانت هناك زاوية طبيّة مزوّدة بالأعشاب الطبية والعطرية ‏المتداولة في أيامنا هذه وموضحةً فوائدها الجمّة في تغذية وتطبيب الأجساد، وإرواء الظمآنين ‏بالأشربة المستخلصة من تلك الأعشاب، وتضمنت كذلك فاكهة الرمان التي ضُيِّفت للحضور. ‏إضافة لما سبق، ازدان المعرض بالمجسمات المعمارية المميزة التي تحاكي جمالية حضارة ‏الأندلس المعمارية والتي عكف على تصميمها طلاب الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، ‏وينتهي المعرض بمسابقةٍ تضم أسئلةً أندلسية على الحاسوب كانت قد برمجتها زميلة في قسم ‏أنظمة المعلومات المحوسبة.‏

في الحديث عن تجهيزات المعرض المنشود، كنتُ أذهل لِما رأيتُ من الطاقات والقدرات الشبابية ‏الفذة أثناء إدارة أو تنسيق العمل في المعرض. الجميع منكبٌّ على العمل بحماسة، الأفكار تتوالد ‏تباعاً من الجميع، والمتطوعون من الفرق الطلابية لا يفتأون يزودوننا بالأشعار والأغنيات ‏والمعلومات الثقافية الخاصة بالأندلس. ولا يغيب عن بالي مسؤولو جمعية مهندسون بلا حدود ‏الذين تفانوا في إيجاد الجهات الممولة للمعرض، بالإضافة إلى الجهات الإعلامية المعروفة. ‏باختصار، كان عملاً جباراً أثمر معرضاً من أفضل المعارض التي أقيمت في الجامعة بشهادة ‏الحضور بفضل الله. سعينا من خلال المعرض إلى توفير جوٍ أندلسي للزوار من خلال عرض ‏اللوحات الفنية التي كانت نتاج أنامل طلاب من الفنون الجميلة، بالإضافة إلى مجسّماتٍ تجسّد ‏الاختراعات الأندلسية كالساعة المائية والإسطرلاب والنظارات وغيرها -وكانت هذه المجسمات ‏ثمرة جهد المتطوعين أيضاً. كما كانت هناك زاوية طبيّة مزوّدة بالأعشاب الطبية والعطرية ‏المتداولة في أيامنا هذه وموضحةً فوائدها الجمّة في تغذية وتطبيب الأجساد، وإرواء الظمآنين ‏بالأشربة المستخلصة من تلك الأعشاب، وتضمنت كذلك فاكهة الرمان التي ضُيِّفت للحضور. ‏إضافة لما سبق، ازدان المعرض بالمجسمات المعمارية المميزة التي تحاكي جمالية حضارة ‏الأندلس المعمارية والتي عكف على تصميمها طلاب الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني، ‏وينتهي المعرض بمسابقةٍ تضم أسئلةً أندلسية على الحاسوب كانت قد برمجتها زميلة في قسم ‏أنظمة المعلومات المحوسبة.‏‎ ‎

كل ما سبق تم عرضه في تسلسلٍ زمني على خط سير الأحداث التي حصرناها من فترة حياة عبد ‏الرحمن الداخل إلى سقوط دويلات ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين. تخلل المعرض أيضاً ‏نقاشات فكرية وثقافية في قلب المعرض، في الحقيقة كانت هذه النقاشات من أكثر ما أثلج صدري ‏وروّى ظمئي، عدى عن كون المعرض نتاج سواعد طلاب ومتطوعين من تخصصات دراسية ‏عدة بدءاً بالهندسية والتكنولوجيا ومروراً بالعلوم وانتهاءً بتخصصات الآداب، هذا التنوع في ‏التخصصات أدى إلى تنوع الأفكار والأساليب وكان عاملاً على إنجاح المعرض. ومن الفقرات ‏الأخرى التي نظّمتها الجمعية ضمن أسبوع المهرجان الأندلسي: مناقشة رواية ثلاثية غرناطة ‏ومحاضرة فكرية حول العقل الطبي في العصر الأندلسي‎.‎

هذه التجربة الغنية كانت كفيلة بإكسابي خبرة جيدة في مجال تنظيم الأحداث‎ ‎وعززت قدرتي على ‏التواصل داخليا مع فريق العمل خاصتي وخارجيا مع الفرق الأخرى ومسؤولي المعرض، حيث ‏عملتُ ضمن المجلس الإداري الخاص بالمعرض وترأستُ فريق الزاوية التاريخية. أيضا كوّنت ‏عددا لا بأس به من العلاقات والصداقات أثناء العمل. المعرض الآن أصبح متنقلاً وقد تمت إقامته ‏في مناطق ومؤسسات عدة. ومن هنا أقول إنه لا بُد لأي طالب أن يصقل مهاراته وينمي الجوانب ‏الإدارية والتطوعية في ذاته من خلال المشاركة أو اقتراح الأفكار التي يؤمن بها إيمانا جما حتى ‏يوصل أفكاره ورسالته للجميع، ووجود جمعيات طلابية مثل (مهندسون بلا حدود) كفيلٌ بأن يكون ‏عونًا للفرد على إنجاز عملٍ يُشار إليه بالبنان وتأمين ما يجب من مورد بشري أو إعلامي أو مالي‎.‎


© 2025 جامعة النجاح الوطنية