جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


عانيت من مشاكل في التواصل مع الآخرين سواء في حياتي الاجتماعية أو الجامعية إذ لم أكن قادراً على ‏التعبير عن آرائي وأفكاري دون الشعور بالتردد أو الخجل أو الخوف من ردة فعل الآخرين نظراً لاعاقتي ‏السمعية التي لا ينتبه اليها معظم من حولي الأمر الذي ترتبت عليه متاعب كثيرة لي خلال مختلف مراحل ‏حياتي. رغبت دوما بالخروج من عالم الالم والوحدة. شعرت كثيراً بعدم الحاجة لي في هذه الحياة، بل ‏شعرت بأن لا غرض أو مكانة لي في هذا العالم المؤذي ذي النظرة السلبية لمن يعاني إعاقة سمعية.‏


بقلم: عمرو جاموس

تحرير: دائرة العلاقات العامة

انتهيت من دراسة الثانوية العامة واجتزت الامتحانات الوزارية (التوجيهي) وحصلت على معدل سمح ‏لي بالالتحاق بالجامعة ودراسة التخصص الذي أرغب به. كنت قلقاً ومتوتراً من الحياة الجامعية خاصة ‏وأنني في السنة الدراسية الاولى. لا أعرف شيئا عن الحياة الجامعية التي بدت لي غامضة عصيبة. ‏

تخوفت من الامتحانات والمواد الدراسية والتي تحتاج الى متابعة يومية، ساهم هذا الخوف بتعزيز ‏مناعتي وقدرتي على الاستعداد لذلك، فاهتممت بدراستي وواظبت على متابعة المحاضرات، تبين لي ‏أن الخوف هو أحد عناصر القوة. فكلما خفت من مادة دراسية قمت بدراستها بشكل أفضل. وها أنذا ‏أختتم عامي الدراسي الاول بنجاح بفضل الله. ‏

أدركت خلال تواصلي مع الزملاء بالكلية أن الحياة العملية تحتاج الى ما هو أكثر من الشهادة الجامعية ‏إذ تحتاج الى قدرات فردية مختلفة كمهارات الاتصال التواصل الفعال مع الآخرين، والقدرة على ‏العمل ضمن فريق، وتحمل ضغط العمل، وبناء القدرات المنوعة غير ذات الصلة بالتخصص ‏الدراسي، بالاضافة الى مهارات الحديث أمام الجمهور.

فكيف لي أن أحصل على هذه المهارات ‏الاضافية في الوقت الذي يفترض بي أن أهتم بمتابعة مقرراتي الدراسية والنجاح بها ومن ثم أهتم ببناء ‏هذه القدرات بعد الجامعة. هل هذا هو الحل؟ إذا كان هذا هو الحل، فكيف سأستطيع الاهتمام ببناء ‏قدراتي في الوقت الذي يفترض بي أن أقوم خلاله بالبحث عن فرصة عمل تعيلني وتخفف عن كاهل ‏أهلي بعض الاعباء الاقتصادية خاصة وأنني أنتمي لاسرة متواضعة الحال!‏

بينما كنت أخوض هذا الحوار الداخلي، سنحت لي الفرصة للتطوع في مجال مساعدة المتطوعين ‏والمدربين الدوليين الذين يقدمون خبراتهم لطلبة الجامعة لرفع كفاءتهم وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل ‏بكفاءة. فتح لي هذا التطوع نافذة على العالم، حيث بدأت تواصلي مع أشخاص ينتمون لغير ثقافتي وعاداتي ‏وتقاليدي ولغتي، فتعلمت منهم ومعهم مهارات الحوار واللغة الانجليزية وتنظيم الفعاليات وغيرها من ‏مهارات العلاقات العامة. حينها بدات أشعر أن بمقدوري التغلب على المتاعب المرتبطة بتطوير ‏شخصيتي من شخص خجول الى شخص أكثر جرأة وأقوى شخصية وقادر على التأثير الايجابي بمن ‏حوله. منذ ذلك الحين وأنا أتطوع بشكل يومي في دائرة العلاقات العامة التي تعطيني المزيد من الثقة ‏بنفسي يوماً بعد يوم.  ‏

صرت أذهب الى دائرة العلاقات العامه قبل بدء دوامي وأعود اليها فور انتهاء محاضراتي، واتخيل نفسي ‏عند التخرج بعد ثلاث سنوات، كم من الساعات التطوعية سأكون قد أنجزت وكم سيساهم ذلك بتطوير ‏شخصيتي وثقتي بنفسي وبقدراتي وتحريري من مخاوفي ومتاعبي!‏

لقد كان العمل خلال العام الفائت متعباً وضغط العمل كبيراً وعدد الانشطة كبيراً، وأتساءل كلما شعرت ‏بالارهاق لماذا لا أذهب الى الجامعة وأعود لمنزلي دون إكتراث بالتدرب والتطوع كما يفعل الكثيرون! ‏لكن الجواب سرعان ما يتبادر للذهن، لقد تعرفت خلال هذا العام الدراسي على معارف كثيرة من مختلف ‏المناطق والتخصصات كما تعرفت على أفراد مميزين ولن يتحقق لي ذلك إذا بقيت طالباً عادياً لا يحلم ‏بأكثر من النجاح بمقرراته الدراسية. ‏

أنصح زملائي الطلبة وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة بالاندماج والانخراط بالحياة العملية دون ‏الاكتراث بما يقوله الآخرون من كلام محبط أحياناَ. سيساهم الاندماج بالآخرين بتغيير مسار حياتكم نحو ‏الافضل وذلك من خلال التطوع والتدرب بأي مؤسسة أو مكان يقدم الخدمة للآخرين.  ‏


Read 1993 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية