تحتاج الحياة لأكثر من شهادة بكالوريوس
ساورتني مشاعر مختلطة بشأن الترحال والظروف التي مر بها المجتمع الفلسطيني والتي يمر بها العرب في البلدان المجاورة خلال السنوات القليلة الماضية. هل سنصمد إذا ُفرض علينا الترحال أو اللجوء يوماً!
بقلم: فرح ذوابي....تحرير: دائرة العلاقات العامة
لاحقني هذا الكابوس كثيراً من هول المشاهد التي نراها يومياً عبر شاشة التلفاز. ولم أجد حلاً يريحني سوى الاهتمام بالتدرب على المهام غير ذات العلاقة بتخصصي. فقد أضطر للعمل في مجال بعيد جداً عن العلوم الصحية يوماً ما. وهذا ما أسعى للاستعداد له خوفاً من غدر الزمن. فقد عانى الفلسطينيون من قلة فرص العمل وندرة مصادر الرزق بعد كل رحيل خلال القرن الماضي ولكن خبراتهم المتنوعة واستعدادهم للعمل بمجالات مختلفة ساعدتهم على الحفاظ على أنفسهم وتوفير مصادر دخل ولو متواضعة ريثما يعيدوا بناء أنفسهم. هذا هو الدرس الذي تعلمته والذي أعمل على أن أكون مستعدة له عند وقوع أي طارئ لا سمح الله.
رافقتني حالة من القلق مع ابتداء محاضرات الفصل الدراسي الأول بالجامعة. ترى هل سأستطيع تنظيم وقتي بين المحاضرات الدسمة من جهة والحياة الجامعية المفعمة بالأنشطة والترويح عن النفس والتدريب والترفيه من جهة أخرى!
فكرت ملياً بهذا الأمر وراجعت نفسي. لماذا أرغب بالانخراط بالحياة الاجتماعية في الجامعة بدلاً من تكريس وقتي للدراسة فقط! خاصة وأنني قد التحقت بتخصص يحتاج للكثير من الجهد والوقت والمتابعة والمثابرة. لكن سرعان ما قفز الجواب إلى العقل والقلب معاً. فأنا ملتحقة ببرنامج أكاديمي سيمتد ستة أعوام. ألا يحتاج الانسان إلى فترات نقاهة وراحة خلال مسيرته الدراسية الطويلة! ألا يحتاج إلى تزويد شخصيته بمهارات متنوعة ومختلفة وغير مقتصرة على الجانب الأكاديمي.
ودعتُ المرحلة المدرسية لأدخل المرحلة الجامعية والتي ارتسمت بمخيلتي حياةً لا تقتصر على التعليم بل تتخللها الأنشطة اللامنهجية التي تضفي عليها الحيوية وتجردها من الروتين اليومي. التحقت بكلية الطب وعلوم الصحة تخصص دكتور صيدلة هذا التخصص الذي يحتاج إلى الكثير من التركيز على الجوانب العلمية الدقيقة وتطبيقاتها العملية وخلفياتها النظرية.
كل ذلك اختلف مع بدء العطلة الشتوية بين الفصلين، حيث شاركت بدورة سيران نابلس الثقافي الذي نظمه برنامج زاجل للتبادل الشبابي في دائرة العلاقات العامة. استمرت الفعالية أربعة أيام. تجولنا خلالها في البلدة القديمة في نابلس وتعرفنا على أماكن جديدة. تعرفنا على روايات المواطنين عن حياتهم اليومية خلال الظروف العصيبة التي مرت بها البلدة القديمة. تدربنا على ترويج البلدة القديمة سياحياً. درسنا المعيقات الثقافية التي تحول دون الاستثمار المالي والسياحي لهذا التراث المعماري الضخم. أدركت حينها أنني مسؤولة عن تطور هذه المدينة وكذلك عن تطوير ثقافة جيلنا من الشباب الذين يستطيعون إحداث التغيير الفعلي نحو الأفضل. ثم تطوعت بتنظيم معارض زاجل وكذلك تنظيم رحلته الثقافية الى الاندلس. حينها أيقنت أن لنا وزناً وقيمة وأهمية كشباب طالما كنا منخرطون بهموم البلد اجتماعيا وثقافياً. ومنذ ذلك الحين وأنا أتطوع يومياً في دائرة العلاقات العامة التي تشكل محوراً هاماً من محاور بناء شخصيتي اللامنهجية التي أسعى لتطويرها باستمرار.