جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


حصار الكورونا وانتصار التحدي "إرادة الإدارة وإدارة الإرادة"

في تجربة ربما تعد الأولى فلسطينياً وعربياً في تقييم تجربة الأداء ورصد التحديات والحلول قبل الخوض في الحديث عن إنجازات في المسار التعليمي الأكاديمي مع بداية جائحة كورونا في فلسطين، عمدت الدكتورة سائدة عفونة، مديرة مركز التعلم الإلكتروني في جامعة النجاح الوطنية لتقديم كتيب متخصص شمل دراسة وافية حول أداء الجامعة في الفصل الدراسي الثاني من العام الأكاديمي 2019 – 2020، تزامناً مع جائحة كورونا في فلسطين وحالة الإغلاق والإجراءات التي رافقت تلك الفترة.

"انتماء، عطاء، صمود، إصرار، عمل دؤوب، وفاق، ونقاش وعمل جماعي كان عنوان هذه الرحلة ورمز هذه المرحلة، حيث أغلقت الجامعة أمام العاملين والطلبة، وفتح فضاؤها أمام الجميع ولم يعد هناك أية حدود تقيد عملية التعلم".

في الخامس من مارس العام الماضي فرضت جائحة كورونا في فلسطين ضرورة اتخاذ تدابير وقائية وإجراءات احترازية من أجل منع الانتشار، وهنا كانت بداية التحديات لجميع القطاعات والمؤسسات حول كيفية سير الأمور، وكيف سيكون شكل التعامل مع الواقع الجديد؟

شهران متواصلان من الإغلاق ضمن حالة الطوارئ التي أعلنتها القيادة والحكومة الفلسطينية سادها الكثير من التساؤلات، وربما الاستفسارات التي لم تنتهي وخاصة من قبل طلبة المدارس والجامعات.

تساؤلات تتعلق بشكل وآلية التعليم القادمة، وأخرى حول رصد العلامات والتقييم، وغيرها عن مصير العودة للدراسة، وأسئلة لا حصر لها كلها تبحث عن إجابات وافية، والحقيقة أن هذا الأمر لم يكن فلسطينياً فحسب وإنما في كثير من دول العالم.

في جامعة النجاح كان الأمر مختلفاً وكان التعامل لحظة بلحظة حيث تم مع بداية الإغلاق، فقامت لجنة إدارة المخاطر بالاجتماع وتكليف مركز التعلم الإلكتروني بوضع خطة للتعلم الإلكتروني الذي قدم خطته العمل خلال يومين، وبناءً عليها تم اتخاذ قرار للبدء في التعلم الإلكتروني بعد أسبوع واحد فقط من إعلان حالة الطوارئ.

وفي الكتيب الذي أنجزته الدكتورة سائدة عفونة، مديرة مركز التعلم الإلكتروني حديث عن تجربة أداء الجامعة في الفصل الدراسي الثاني من العام الأكاديمي 2019 – 2020 مع دخول الجائحة، وهو كتاب توثيقي مبني على أسس منهجية وعلمية متقدمة، ويمكن تصفحه من خلال هذا الرابط.

وفي تعقيبها حول هذا الكتيب وأهميته أكدت الدكتورة عفونة، والتي تشغل منصب مساعد رئيس الجامعة لشؤون الرقمنة، أن هذه الخطوة جاءت لتوثيق التجربة وللحديث عن الخلايا واللجان التي تشكلت في الجامعة لتقديم الأفضل والاستفادة من التجربة والبحث في كيفيات العمل لتخطي الصعوبات.

ويغطي الكتيب ما وراء الحدث ويكشف كواليس العمل في الأزمات وتجربة الجامعة منذ اللحظة الأولى لقرار الإغلاق، وكيفية استفادتها من التشاور والتفاوض والاستماع لملاحظات واستفسارات الطلبة، وكيف قامت الجامعة بإدارتها وأقسامها المختلفة ولجانها ومركزي التعلم الإلكتروني والحاسوب، ومجلس العمداء وأعضاء الهيئة التدريسية بإدارة الأزمة وتخطيها.

وقد باشرت الجامعة العمل بالخطة والتعليم الإلكتروني بعد أسبوع واحد فقط من فرض حالة الطوارىء، حيث استندت الخطة على أسس متينة ومنها التشاور الدائم، والاطلاع على التجارب الدولية وتعليمات اليونسكو، وتحليل سياسات التعليم في الطوارئ، واجتماعات معمقة مع المراكز المختلفة، وتجربة المحاضرات الإلكترونية، ومتابعة تعليمات الوزارات المختصة، والتقييم المستمر ومتابعة التغذية الراجعة.

ويأتي الكتيب في ستة فصول يبدأ الفصل الأول بعنوان صدمة الكورونا وكيفية تعامل الجامعة وردة الفعل الأولى للقرار، ومن ثم آلية اتخاذ القرار وحكمته، والمناقشة في الخيارات المتوفرة لإدارة الأزمة ومروراً بالخروج من المنطقة الآمنة وحالة الفوضى والتفاوض مع المتعلمين، والعودة لخلق مجتمعات التعلم المتنوعة الإدارية والأكاديمية والطلابية والمجتمعية والإعلامية، وتسليط الضوء على أهم الدروس المستفادة من التجربة والتي لا بد وأن تعكس أهمية الاستفادة منها مستقبلاً في سياسات التعليم الإلكتروني وغيرها الكثير من الدروس والعبر.

التشاور هو الشعار والتفاوض هو السمة

وأكد سعادة الأستاذ الدكتور ماهر النتشة، رئيس الجامعة أنه لا يمكن وصف التجربة بكلمات قليلة حيث كانت تجربة مليئة بالتحديات، وتتصف بطابع المفاجأة وعدم القدرة على توقع انتهائها، ولكنها بالمجمل تجربة مميزة بحجمها ونوعها وشموليتها.

وبحسب الدكتور النتشة، وضمن الرؤية والاستراتيجية لجامعة النجاح الوطنية كان التوجه بتأسيس مركز التعلم الإلكتروني عام 2012 بحيث تم توفير كل ما يلزم له، لأن الجامعة تؤمن بأهمية وضرورة توظيف التكنولوجيا كما طورت نظام الحوافز لتشجيع أعضاء الهيئة الاستشارية في التعلم الإلكتروني، وأثمرت الجهود بحصول المركز على شهادة الآيزو للجودة العالمية، ونجاح خطته في مرحلة التعلم الإلكتروني رغم كافة التحديات والصعوبات.

وأكد رئيس الجامعة أن التحديات تدفع المؤسسات لتعزيز قدراتها والعمل للتغلب عليها، وهذا ما حصل في النجاح التي كانت على قدرٍ عالٍ من مواجهة الصعوبات، حيث استطاعت في هذه الجائحة تحويل التعلم لكل بيت ونقل الحرم الجامعي لبيوت الطلبة عبر التكنولوجيا.

وأضاف الدكتور النتشة: "التشاور هو الشعار والتفاوض هو سمتها" حيث كانت هذه الصعوبات والتحديات في كيفية تقييم الطلبة عن بعد مع المحافظة على التوازن ما بين الجودة ومطالب الطلبة، وصعوبات المرحلة والمشاكل التقنية الناتجة عن انقطاع الكهرباء والإنترنت وعدم توفر أجهزة لدى فئة من الطلبة.

وبين أن الجامعة ساهمت ووفرت حزم انترنت كما أعارت بعض أجهزة الحاسوب لطلبتها، وهذا خفف من الصعوبات ولكنه لم ينهيها، وحافظت النجاح على المرونة العالية في السياسات والأنظمة والتعليمات، فكانت فترة استثنائية تم فيها تعديل وتغيير بعض القوانين حيث كانت الأمور تسير على نهج "عين تدرس المتغيرات وأخرى تراعي الجودة".

وأكد الدكتور النتشة، أن هذا الأمر والصعوبات التي واجهتها الجامعة دفعها للمضي قدماً للتفكير بمستقبل التعليم بعد انتهاء الأزمة، حيث سيصبح التعليم الإلكتروني جزءاً لا يتجزأ من السياسة التعليمية وهو ما يعني استقطاب كفاءات من خارج فلسطين من خلال التعلم عن بعد، وفتح برامج إلكترونية بالكامل للطلبة الدوليين أو فلسطينيي المهجر.


© 2024 جامعة النجاح الوطنية