النجاح عنوانٌ لمؤتمر البناء الدستوري في فلسطين وتوصيات نوعية يخرج بها المؤتمر

انتهت أعمال المؤتمر الأول من نوعه في فلسطين في البناء الدستوري والذي عقدته كليه القانون في جامعة النجاح الوطنية، حيث أتى هذا المؤتمر - والذي اعتبره كثير من المراقبين المؤتمر القانوني الأضخم على مستوى فلسطين - في وقت تعد فيه فلسطين في أمس الحاجة للبناء المؤسساتي القائم على أسس دستورية.
من هذا المنطلق تضمن المؤتمر أربع جلسات تم عقدها على مدار يومين حيث تم خلالها مناقشة الواقع الدستوري الذي أنشأه القانون الأساسي بتعديلاته، فقد تضمنت الجلسة الأولى المرحلة التي يجب اتباعها في كتابة الدساتير من خلال المشاركة الشعبية في وضع الدستور وذلك لإشعار المواطنين بأن هذا الدستور منهم ولهم، أما الجلسة الثانية فقد تضمنت مبدأ فصل السلطات وكيفية التعامل معه ومع النظام السياسي الناشئ عن طبيعة الفهم لهذا المبدأ، وكيفية التعامل مع النظم السياسية في ظل حالة الإستثناء التي تعد فلسطين من أبرز الدول التي تعيشها.
وفي اليوم الثاني للمؤتمر تضمنت الجلسة الثالثة كيفية توفير الحماية للدساتير من خلال المحكمة الدستورية التي يعد إنشاؤها أساس التفرقة بين الدساتير ذات التطبيق الواقعي والدساتير المكتوبة من ورق، في حين تطرقت الجلسة الرابعة لقضايا حساسة عادةً ما تثير الكثير من الجدل والتجاذبات الفكرية حولها، حيث ناقشت دور المرأة وحقوقها في الدستور وهذا هو التوجه الحديث في معظم الدساتير المكتوبة بعد الثورات العربية، كما ناقشت ما إذا كان هنالك حاجة لإدراج الدين كمصدر رئيسي للتشريع والأبعاد التي تترتب على هذه الخطوة.
ومع نهاية الجلسات خرج المؤتمر بعدد من التوصيات المهمة التي من شأنها أن تشكل نقلة نوعية على مستوى البناء الدستوري في فلسطين والتي كان من أهمها: كتابة الدستور لا بد أن تتم من خلال مشاركة شعبية واسعة حيث يجب تأسيس جمعية تأسيسية أصلية تعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني ويتم بحث طرق إنشائها أو تشكيلها عبر ندوات خاصة تعقد في المستقبل القريب في جامعة النجاح، والتأكيد على أهمية فصل السلطات وتعزيز الفهم الصحيح لهذا المبدأ بشكل واضح وصريح في الدستور المستقبلي، مع ضرورة أن يتضمن الدستور تفصيل واضح لدور السلطات، وفتح النقاش المجتمعي والسياسي عن طبيعة النظام فيما إذا كان رئاسي أو شبه رئاسي أو برلماني.
كما أوصى المؤتمرون بالنظر في قانون المحكمة الدستورية ودراسة اختصاصاتها ودورها وآلية رفع الدعوى المباشرة ودورها في تفسير الغموض الدستوري على أن يراعي الدستور المستقبلي إمكانية تضمين هذا التوجه، وتعزيز دور المرأة وحقوقها بشكل واضح في الدستور مع مراعاة الإتفاقيات الدولية التي تم الاتفاق عليها، كما أكد المؤتمر على ضرورة النظر في التجارب الدستورية الأخرى الحديثة عند النظر في مسألة هوية الدولة ودور الدين والثقافة في تحديد تلك الهوية، والإستمرار في عقد الندوات والورش العملية والمشاركة المجتمعية لتحقيق أهداف المؤتمر وتوصياته.