جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


الإعاقة البصرية هي حالة يفقد فيها الشخص قدرته على استخدام حاسة البصر بكفاءة ممّا يؤثر على أدائه، ويكون ذلك بسبب وجود عجز جزئي أو كلي في الجهاز البصري نتيجة الإصابة بتشوه تشريحي، أو الإصابة بمرض أو جروح في العين، حيث يظهر هذا الضعف في إحدى الوظائف البصرية مثل الرؤية المركزية، ومجال الرؤية، والرؤية المزدوجة، وتباين الالوان، وعندما تكون الإعاقة البصرية موجودة عند الأطفال فإنهم يحتاجون إلى إجراء تعديلات خاصّة على أساليب التدريس والمناهج للتمكن من النجاح التربوي.


بقلم: شذى جرارعة

قد يتم اكتشاف الأطفال الذين يعانون من الضعف البصري من قبل الأهل ومعلمي المدارس من خلال عدة علامات مثل حمل الكتب قريبا من الوجه عند القراءة أو الكتابة، وأخذ وقت أطول من المتوقع عند أداء الواجبات المدرسية، والحاجة إلى إضاءة إضافية للرؤيا أو القيام بتلمس الأشياء بارتباك عند القيام بنشاطات التنسيق البصري والحركي، ولكن يتطلب اتباع معايير خاصة بتحديد الحالات والفحص والتقييم من قبل أخصائيي البصريات والعيون لتقييم الحالات والإحالة والمتابعة، ولم يكن هذا الموضوع محط أنظار في فلسطين حتى قرابة العامين، حيث قام قسم البصريات في جامعة النجاح الوطنية بتأسيس عيادة خاصة للتقييم ومتابعة هذه الحالات من خلال مشروع تمبوس، وكان من ضمن القياديين في هذه المبادرة الدكتورة إيثار البشتاوي، رئيسة قسم البصريات، وأستاذ مساعد في علوم البصريات، وحاصلة على درجة الدكتوراه في البصريات من جامعة مانشستر في الولايات المتحدة.

جسور

 وعند لقائي بالدكتورة البشتاوي ذكرت بأن مشروع جسور يُعنى بالأطفال الذين يعانون من إعاقات بصرية ويحتاجون لمعينات بصرية خاصة كي يصبحوا قادرين على المشاركة بشكل كامل في المجتمع، وتحقيق الإستقلالية والكرامة في حياتهم، والحصول على فرص متساوية للتميز في المدارس والعمل والمجتمع.

يواجه الأطفال من ذوي الإعاقة البصرية الجزئية تحديات كثيرة، وتعتقد معظم العائلات بأن المدارس الخاصة للطلبة ذوي الإعاقة البصرية توفر لهم خدمات فضلى، ويتعلم هؤلاء الأطفال فور دخولهم إلى المدرسة الخاصة بالاشخاص ذوي الإعاقة البصرية نظام بريل ومهارات أخرى مطلوبة للأطفال ذوي الإعاقة البصرية الكلية وليس الجزئية حتى وإن تعلموا قراءة المواد المطبوعة بشكل منظم، ويعتقد المختصون في المدارس الخاصة بأن الأطفال يستفيدون من تعلم هذه المهارات في حال فقدوا البصر بالكامل، وهذا ليس دائماً صحيح كما هو الحال لدى الأطفال ذوي الإعاقة البصرية الجزئية الناتجة عن المهاق العيني، وقد بدأ برنامج جسور عام 2016 بتمويل من مؤسسة NOVUM وبالتنسيق مع منظمة VISIO الهولندية وجمعية بيت لحم العربية للتاهيل في الضفة الغربية، وإلى جانب تلك المؤسسات، شارك في هذا البرنامج أصحاب المصالح كوزارة التربية والتعليم و وزارة الصحة، ويقوم جميع الشركاء بعقد اللقاءات الدورية لدراسة التطور الحاصل على المشروع.

دور قسم البصريات في المشروع

وتحدثت الدكتورة البشتاوي عن دور قسم البصريات في عمل المشروع، حيث يقدم القسم دوراً مهماً في توفير خدمات فحص الرؤية والتقييم.

فبداية يقوم معلمو المدارس بتعبئة نموذج الكشف المبكر عند الشك بوجود مشاكل بصرية، وهذه الأجوبة تحتوي على علامات تدل على وجود ضعف بصري أم لا، وبعدها يتم تحويل الطلبة للعيادة الخاصة بالتأهيل البصري في الجامعة، ويتم عمل فحوصات خاصة لتقييم الحالة البصرية وإجراء التأهيل البصري الملائم لكل طفل.

وفي بعض الأحيان يقوم قسم البصريات بزيارة أماكن مختلفة من الضفة الغربية، لتقييم الحالات المختلفة وتحويلهم إلى عيادة الجامعة لمتابعة حالتهم.

عيادة التأهيل البصري

تم تأسيس عيادة التأهيل البصري في مبنى الصيدلة في الحرم الجامعي الجديد، لتحويل الحالات عليها سوءاً كانت ضمن مشروع جسور أم لا، بحيث يتلقى الأطفال التأهيل البصري دون مقابل مادي.

وتكمن مشكلة هذه الأمراض بأنها أمراض فرعية تصيب شبكية العين، لا يتم علاجها عن طريق الجراحة كأمراض القرنية، فالحل الوحيد هو المعينات البصرية والتأهيل البصري، ومن هذه الأمراض البهاق والعشى الليلي وغيرها.

ويعتبر نشاط العيادة نشاطاً منتظماً مستداماً، وتطمح الدكتورة البشتاوي لأن يكون برنامجاً وطنياً، وتم تجديد اتفاقية المشروع هذا العام ليتتم توسيع نطاق العمل الذي كان يشمل فقط أطفالاً تتراوح أعمارهم ما بين 6-12 سنة، ولكن حالياً يشمل الأعمار من 0-18.

هدف المشروع

تقول الدكتورة البشتاوي بهذا الخصوص: " يهدف المشروع إلى تحسين مستويات إدماج الأطفال ذوي الإعاقات البصرية الجزئية والكلية من خلال التمكين وإمكانية الوصول المتساوية والفرص للالتحاق بالمدارس والمشاركة في النشاطات اللامنهجية، وذلك من خلال استخدام المعينات أو تكبير الكتب أحيانا.

كما يهدف المشروع إلى الكشف المبكر عن هذه الحالات، فيتوجه طاقم العمل بحملات إلى مناطق الشمال في الضفة الغربية لعمل فحص وتقييم أولي للحالة البصرية، وتشمل الحملات فحوصات لحدة الرؤيا على الأشياء القريبة والبعيدة والخطأ الإنكساري وصحة العين الخارجية والداخلية والألوان والتباين وغيرها من أجل الكشف المبكر عن هذه الحالات، فقد تغفل العائلة أو المدرسة أو حتى الأطفال أنفسهم عن وجود خلل ويعتبرونه أمراً طبيعياً، فهذا الكشف يقلل من فرصة حدوث كسل للعيون."

متابعة الحالات

يتم متابعة حالات الأطفال بشكل مستمر، فمعظم الحالات قد تزيد سوءاً ولا تتحسن لأنها أمراض مستفحلة (progressive) وراثية أومكتسبة، فمثلاً قد يتلقى الطفل ضربة على العين أو قد يصاب بمرض السكري مما يؤثر بشكل مباشر على الشبكية وقد لا يحدث أي تطور أو تغيير على الحالة.

تقبّل الأطفال للعلاج

لقد لاقى العلاج قبولاً ايجابياً لدى الأطفال خاصة ممن يعانون من الضعف البصري الغير مكتسب، أما من يصابون بالمرض في سن المراهقة فيصابون بالعزلة ويدخلون في حالة نفسية مستعصية، لأنهم قد اعتادوا على الرؤية الطبيعية ثم فقدوا هذه القدرة.

المعيقات المجتمعية

ذكرت الدكتورة البشتاوي بأن طاقم العمل واجه مشكلة في تقبل المجتمع والعائلة لفكرة استخدام أجهزة مكبرة لأطفالهم، حيث وُجد أناس ممن يفضلون بقاء طفلهم على حاله بدلا من استخدام الأجهزة، لأن ذلك يعتبر عيباً خلقياً واضحاً، ولكن هناك من تقبلوا الموضوع برحابة صدر، وقام طاقم العمل بالبحث عن حلول أخرى لاقت قبولاً كبيراً بين أفراد المجتمع كاستخدام الايباد، حيث أن شركة أبل تقدم أجهزة أيباد فيها مواصفات وتطبيقات لاستخدام ضعيفي البصر، ويقوم الطفل بتكبير الخط أو تغيير الإضاءة حسب ما يناسبه، كما تعتبر أجهزة الأيباد أقل تكلفة من التلسكوبات البصرية.

واختتمت الدكتورة البشتاوي: " جامعة النجاح الوطنية هي الوحيدة التي تتضمن قسماً للبصريات في الضفة الغربية، ووجود هذا القسم ساهم في تطوير الوضع الاجتماعي، ووجود عيادة التأهيل البصري قد فتحت الآفاق لوجود خبراء بصريات جديرين بالثقة وتوفير التدريب العملي اللازم للطلبة، فمهنة البصريات على خطى تطور مستمر لإفادة أكبر قدر ممكن من أفراد الجتمع.

إن الانتماء للوطن والواجب الوطني هو ما جذبني للعودة إلى فلسطين لخدمة أبناء شعبي ورد الجميل لتلك الجامعة التي كنت مجرد طالبة فيها، فقد أخذنا الكثير من وطننا وآن الأوان لرد الجميل."


Read 1045 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية