ندوة تناقش الزلزال والكوارث وتدعو لتطوير إدارتها
نظمت وزارتا الإعلام والحكم المحلي ندوة حول آليات الوقاية والحد من مخاطر الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية وتفعيل الكود الزلزالي في المباني.
واستعرض فيها مدير مركز التخطيط الحضري والحد من الكوارث الطبيعية في جامعة النجاح الوطنية ونائب رئيس الهيئة الوطنية للتخفيف من أخطار الكوارث، د. جلال الدبيّك واقع المباني في فلسطين ودرجات قدرتها على مواجهة الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية. وشرح أسباب حدوث الزلازل، ومخاطرها، وتصنيفاتها، وأكد أن الهزات القوية لا تعني بالضرورة ارتفاع الأضرار والخسائر فكثير من الدول تتعرض لزلازل قوية لكن الخسائر تكون محدودة في حين كانت الأضرار والخسائر كبيره في عدد من الدول رغم أن الزلازل كانت محدودة القوه، ولكنها مرتبطة بتقييم المخاطر للكوارث، ضمن منهجية شاملة، تحسب على أساس مصدر الخطر، وقابلية الإصابة، مقسومة على الجاهزية.
وأوضح أن الزلزال يحدث في القشرة الأرضية، وعلى أطراف الصفائح أو "الأحزمة الزلزالية" التي هي كائن حي، وقطع متجاورات تتحرك مقتربة ومبتعدة من بعضها البعض، كما يحدث بين أفريقيا وأمريكيا الجنوبية. وكنتيجة لحركة القشرة الزلزالية يحدث تكسرات في طبقات الأرض. وأكد أن فلسطين مرتبطة بحركة الصفيحتين العربية والأفريقية، وهذه الحركة مثلاً تحدث اتساع في البحر الأحمر، الذي يزداد سنوياً عرضه بمعدل 2 سم سنوياً، فيما تتحرك فلسطين مبتعده عن الأردن بمعدل 5 إلى 7 مليمتر سنوياً، في وقت تقول دراسات علمية إن مدينة الخليل ستتحرك بعد 15 مليون سنة لتحل مكان مدينة العقبة، تمامًا كما حدث مع الهند التي كانت أسفل الكرة الأرضية.
ورسم الدبيك الخريطة الزلزالية لفلسطين، والتي تنقسم إلى أربعة ألوان: الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والأخضر. موضحاً أن المنطقة الأولى والقريبة من نهر الأردن، تتعرض مبانيها المقامة على الصخر لـ 30 % من وزنها، أما البرتقالية فتتأثر بـ 20 % من وزن مبانيها، و15% للأصفر، الذي يضم بعض مناطق رام الله، في حين يكون المشهد في غزة بـ 7,5 % من وزن المباني المقامة على الصخر. وصنف المدن والمناطق الفلسطينية إلى مناطق حسب التهديد، الذي يعتمد على قوة الزلازل وعمقه وبعده عن التجمعات السكانية ومركزه، وتربة الموقع.
وقال إن الخبراء يعتمدون في دراستهم على توقع الهزات الأرضية بناءً على موقع المنطقة والصدوع الأرضية فيها، ولدينا في فلسطين والمناطق المجاورة 11 صدعا أرضيا، نشيطاً، وتاريخنا الزلزالي أظهر تعرضنا لها في أوقات مختلفة، عدا عما تسجله أجهزة الرصد باستمرار.
وتابع: العلم يقول أن الزلزال حاصل لا محالة، ولا يستطيع أحد معرفة ساعة ولحظة وقوعه، ويمكن أن يحدث في أية لحظة، اليوم، أو غداً أو بعد شهر أو سنة أو عدة سنوات، والأمر مسألة وقت، وليس يقيناً. ونوه إلى ضرورة توخي وسائل الإعلام الدقة في التعاطي مع الزلزال. وقال إن مسألة حدوث الهزات الأرضية ليست مهمة، بمقدار أهمية ما أعددنا لمواجهتها، وكيفية استعدادنا لها.
ومضى يقول: إن الحد الأقصى الذي قد يقع يتراوح بين زلزال بقوة 6,5 درجة على مقياس ريختير، إذا كان مركزه البحر الميت ( يكسر هذا الصدع مرة كل 80 إلى 100 سنة)، و7 درجات تقريباً إذا تمركز في شمال فلسطين( يتكرر ذلك مرة كل 200 إلى 250 سنة). وأشار إلى أن آخر هزة وقعت في أصبع الجليل العام 1759، وأودت بحياة أربعين ألف في بلاد الشام.
وتطرق الدبيك إلى المساعي التي بذلتها نقابة المهندسين، ومركز علوم الأرض وهندسة الزلازل، ووزارتا الأشغال العامة والحكم المحلي، لتطبيق الكود (الأردني) أو الكود العربي الموحد لمقاومة الزلازل. وأشار إلى ربط الأنظمة والقوانين الحكومية بآليات لتطبيقها، بحيث يجب عدم وصل أي منزل بالكهرباء والمياه، دون اجتيازه لإجراءات ومتطلبات السلامة العامة.
وذكر أن الصدوع الأرضية في فلسطين لم تحدد أو توضع لها خرائط تفصيلية، كتحول التربة الرملية إلى مياه، عدا عن خرائط التضخيم الزلزالي، الذي يتعاظم في المباني المقامة على الأراضي الطينية.
ومما كشفه الدبيك، عدم استجابة الهيئات المحلية كلها التي خاطبها لوضع مثل هذه الخرائط، بدعوى كلفتها المرتفعة. وقال: وضعنا لبعض المناطق في نابلس( 17 نقطة من أصل 100 نحتاج إليها)، ووجدنا أن قسماً منها يضخم الزلازل من 6 إلى 8 مرات، وينبغي منع البناء عليها، أو تحويلها إلى متنزهات عامة.
وتطرق لسياسة استخدام الأراضي وتخفيف مخاطر الزلازل. كما تتبع التضخيم الزلزالي لتربة الموقع، الانزلاقات الأرضية، وتميؤ الأرض (تحول التربة إلى سائل)، وتأثير تربة الموقع وسياسة استخدام الأراضي.
وقدّم مشاهد انزلاقات أرضية حصلت في الخليل ونابلس وجنين ورام الله، عدا عن عرض صور من تركيا واليابان للظواهر ذاتها. وتحدث عن أنماط المباني الدارجة في فلسطين وقدرتها على مقاومة الهزات الأرضية، ومعايير تخفيف المخاطر، والسلوك الزلزالي المتوقع للمباني في فلسطين، والتقييم الزلزالي للمباني وقابلية الإصابة.
واستعرض نتائج المسح الزلزالي الذي أجرته جامعة النجاح، على عينة من1360 شخصاً أظهر وجود وعي بشأن حدوث الهزات الأرضية، وقابلية إصابة المباني، والاستعدادات اللازمة، والجهات المسؤولة عن إدارة الكوارث.
وأضاف أن هذه النقاشات جاءت للتوعية والتدريب، في ظل تكرار الحديث عن الهزات الأرضية ومخاطرها، وتقديرات الجاهزية لها، وما يتصل حول خسائرها من توقعات، وطرق الاستعداد لها وتقليل تداعياتها، وغيرها من قضايا.