جامعة النجاح الوطنية تنظّم مؤتمراً علمياً حول تطوير التعليم القانوني في الجامعات الفلسطينية بدعم من برنامج سواسية ٣ المشترك



نابلس، الإثنين ٢٨ نيسان ٢٠٢٥ – استجابةً للحاجة المتزايدة لتطوير التعليم القانوني في فلسطين، وفي ظل التحديات التي تواجه كليات القانون، وسعيًا لربط الجوانب النظرية بالواقع العملي عبر نموذج العيادات القانونية، نظّمت كلية القانون والعلوم السياسية والعيادة القانونية في جامعة النجاح الوطنية مؤتمراً علمياً بعنوان: "تطوير التعليم القانوني في كليات القانون في الجامعات الفلسطينية: العيادة القانونية نموذجاً"، بدعم من برنامج سواسية ٣ المشترك: "تعزيز الوصول إلى العدالة بشكل متكافئ لجميع الفلسطينيين" – البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة واليونيسف.
وجاء ذلك بحضور معالي وزير العدل المستشار شرحبيل الزعيم، وعطوفة السيد غسان دغلس محافظ محافظة نابلس، وعطوفة نقيب المحامين النظاميين الفلسطينيين الأستاذ المحامي فادي عبّاس، والدكتور عبد السلام الخياط، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والدكتورة نور عدس، عميدة كلية القانون والعلوم السياسية، والسيد سيمون ريدلي، مدير برنامج سواسية ٣ المشترك. كما وشهدت الفعالية حضوراً واسعاً من الأكاديميين والخبراء في القانون وحقوق الإنسان، فضلاً عن ممثلين عن قطاع العدالة من مختلف الجامعات والمؤسسات وطلبة تخصصات القانون.
ورحب الدكتور الخياط بالحضور، مؤكداً دور الجامعة الريادي في دعم المبادرات الأكاديمية الهادفة إلى تطوير التعليم القانوني في فلسطين. وأشار إلى أن احتضان هذا المؤتمر يأتي انسجامًا مع رسالة الجامعة في تعزيز التكامل بين التعليم النظري والتطبيقي، وإيمانها العميق بأهمية العيادات القانونية كأداة فاعلة في صقل مهارات الطلبة وتعزيز التزامهم المجتمعي، بما يسهم في بناء منظومة عدالة أكثر كفاءة وإنصافاً.
كما أكدت الدكتورة عدس على التطور الذي شهدته كليات القانون، والتي واصلت تطورها من خلال إدماج التعليم العملي مع المعرفة النظرية لما يساهم في تطوير مهارات الطلبة مع ملكاتهم القانونية، والتركيز على الدور الذي يجب أن يقوده الخريج اتجاه مجتمعه، ومن بين التطورات التي أجرتها الكليات هو استحداث العيادات القانونية والعمل المستمر على تطويرها حيث إن العيادات القانونية لا تمثل فقط مجرد مرحلة تعليمية؛ وإنما تشكل جسراً يربط ربطا حقيقا بين المعرفة الأكاديمية والواقع العملي وخدمة المجتمع والفئات المهمشة، وتعزيز قيم العدالة ومفاهيم حقوق الإنسان لدى الطلاب ورفع مستوى الوعي القانوني والمجتمعي لديهم.
وفي كلمته، أكد السيد ريدلي، أهمية دمج العيادات القانونية في التعليم الجامعي، قائلاً: "أولينا اهتماماً خاصاً بدعم العيادات القانونية في الجامعات الفلسطينية، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن هذه العيادات تمثّل حجر الزاوية في التجربة التعليمية العملية لطلبة القانون. فهي لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل توفر منصة حيوية للممارسة العملية، تُمكّن الطلبة من الانخراط المباشر في التدرب على تقديم الخدمات القانونية لمجتمعاتهم، وتمنحهم فهماً معمقاً لقضايا المناصرة والعدالة وحقوق الإنسان.
وأضاف ريدلي، "العيادات القانونية، في جوهرها، أدوات تعليمية مبتكرة ومنصات للعدالة الاجتماعية، تساهم في إعداد جيل جديد من المحاميات والمحامين يمتلكون المهارة القانونية، والالتزام الأخلاقي، والقدرة على الدفاع عن حقوق الفئات المهمشة، وتعزيز سيادة القانون في وطنهم. وفي خضم سعينا نحو إصلاح شامل للتعليم القانوني، تبرز أهمية الشراكة المؤسسية وتبادل الخبرات والمعارف. إننا، من خلال هذا المؤتمر، نطمح إلى بناء شبكة متينة للتعليم القانوني، لا تقتصر آثارها الإيجابية على مؤسسات التعليم العالي، بل تمتد لتدعيم مهنة المحاماة وتعزيز الثقة بالعدالة في فلسطين."
وأكد معالي وزير العدل المستشار شرحبيل الزعيم خلال كلمته أن" تخصيص جلسة متكاملة لموضوع العيادات القانونية ودورها كأداة تعليمية عملية فاعلة في تعزيز سيادة القانون وخدمة المجتمع والفئات المهمشة يشكل خطوة استراتيجية نحو ربط التعليم القانوني بالواقع العملي، وتعزيز الوصول إلى العدالة. وفي هذا الصدد، يسرني أن أعلمكم باستحداث وحدة العيادة القانونية المتنقلة في وزارة العدل، والتي تهدف إلى نشر ثقافة الوعي القانوني بين الفئات المستهدفة، وخاصة أولئك الذين تحول ظروفهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية دون وصولهم إلى العدالة"
ومن جانبه عبر عطوفة محافظ محافظة نابلس السيد دغلس عن أنه رغم الظروف الصعبة والقاهرة وحرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، إلا أنه الإرادة الفلسطينية التي لا تقهر تتحدى الاحتلال، و سنصنع القانون بإرادتنا، كما وأكد على اهمية التعاون بين المؤسسات الأكاديمية ومؤسسات المجتمع من أجل توفير بيئة قانونية تعليمية تدعم الابتكار القانوني وبناء دولة المؤسسات والقانون.
ومن جانبه أكد نقيب المحامين الفلسطينيين المحامي فادي عباس على أهمية عقد هذا المؤتمر بهذا التوقيت لضرورة مراجعة منظومة التعليم القانوني ودمج الجوانب العملية في العملية التعليمية وضرورة دمج التكنولوجيا والتوجهات المتطورة في التعليم القانوني، مشيراً إلى أهمية تعزيز منظومة حقوق الإنسان ومبدأ سيادة القانون وأهمية رفع الوعي القانوني وتعزيز دور العيادات القانونية في صقل شخصية طالب القانون ودمجه بالواقع العملي، وأبدى ترحيبه بربط العمل ما بين العيادات القانونية في الجامعات مع نقابة المحامين.
وتضمّن المؤتمر ثلاث جلسات علمية متخصصة ركّزت على واقع التعليم القانوني في فلسطين وتطوره، بما في ذلك التحديات البنيوية التي تواجه كليات القانون، والفجوة القائمة بين التعليم النظري والاحتياجات العملية لسوق العمل. كما تطرقت الجلسات إلى أهمية تطوير المناهج الدراسية واعتماد أساليب التعليم التفاعلي لتعزيز كفاءة الطلبة وتأهيلهم مهنياً.
هذا وركّز المؤتمر على العيادات القانونية كنموذج تعليمي تطبيقي حديث، يُسهم في ربط التعليم القانوني بالواقع العملي، ويعزز من المهارات المعرفية والمهنية لدى الطلبة. ويُعد هذا النموذج أداة مبتكرة لإعداد جيل قانوني قادر على تقديم حلول فعّالة للنزاعات، وخدمة قضايا المجتمع، لاسيما في مجالات حقوق الإنسان والوصول إلى العدالة للفئات المهمشة، خاصة النساء والأطفال. وقد استعرض المؤتمر تجارب ناجحة على المستويين المحلي والدولي، أكدت أهمية دمج العيادات القانونية ضمن العملية الأكاديمية بشكل ممنهج ومستدام.
وناقش المؤتمر أيضًا التحديات البنيوية التي تعيق التعليم القانوني، من بينها الفجوة بين التعليم النظري وسوق العمل، والحاجة لتحديث المناهج. كما تطرقت النقاشات إلى أهمية التعاون الدولي وتبادل الخبرات الناجحة، وسبل استخدام أدوات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي في التعليم القانوني.
وفي ختام الفعالية، خرج المشاركون بمجموعة من التوصيات والتي ركزت على ضرورة دمج العيادات القانونية بشكل ممنهج في العملية التعليمية، وتوفير الدعم المؤسسي والمالي لضمان استمراريتها، وتطوير آفاق التعاون بين الجامعات ومؤسسات قطاع العدالة.
ويأتي هذا المؤتمر في إطار جهود برنامج سواسية ٣ المشترك الرامية إلى النهوض بمنظومة التعليم القانوني في فلسطين، من خلال تعزيز دور العيادات القانونية في تنمية المهارات العملية والشخصية للطلبة، وتكريس بيئة تعليمية قائمة على الحقوق والعدالة، بما يُسهم في ترسيخ نظام عدالة شمولي وفعّال، يُمكّن جميع فئات المجتمع من الوصول إلى العدالة دون تمييز.