الدكتورة سناء السرغلي، حاملة كرسي اليونسكو، تمثل فلسطين كمتحدثة رئيسية مع اليونسكو، حيث ألقت كلمة حول “الحق في العلم وحماية العلماء في ظل الحروب” في أديس أبابا.


تمت دعوة الدكتورة السرغلي، حاملة كرسي اليونسكو لحقوق الإنسان والديمقراطية والسلام في جامعة النجاح، لتكون متحدثة رئيسية في الجلسة الرئيسية الثالثة بعنوان “العقد الدولي للعلوم من أجل التنمية المستدامة ومستقبل العلوم والتكنولوجيا والابتكار في إفريقيا”، التي انعقدت بتاريخ 1/10. قدمت الدكتورة رؤاها حول “أهمية العلم في تحقيق حقوق الإنسان والعلم كحق من حقوق الإنسان”.
في كلمتها، أكدت الدكتورة سناء السرغلي أن العلم ليس مجرد مجموعة من الحقائق والنظريات، بل هو حق إنساني أساسي يشمل الوصول إلى العلم، والتعليم العلمي، وحرية الابتكار والتعبير العلمي. كما شددت على أن لليونسكو فرصة تاريخية الآن للعمل على صياغة ميثاق جديد لحماية العلماء وقت الحروب، ميثاق ينطلق من الإيمان بأهمية وقدسية العلم.
استهلت حديثها باقتباس من إدوارد سعيد، الذي قال: “لا أحد اليوم هو شيء واحد فقط”، مشيرة إلى أن العلم، كغيره من مجالات الحياة البشرية، هو متعدد الأبعاد وله القدرة على تحرير البشر كما يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة. وأضافت أن العلم يشكل جزءًا من التراث الثقافي الإنساني وهو تعبير عن إبداعنا الفطري في مواجهة تعقيدات الحياة.
وتحدثت الدكتورة السرغلي عن تضمين الحق في العلم في المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هذا الحق مدعومًا ليس فقط بالوصول إلى المعرفة العلمية بل بالحماية التي يتمتع بها العلماء. وأضافت أن بعض الدساتير الأفريقية، مثل دستور جنوب أفريقيا لعام 1996، تشير إلى حرية التعبير الأكاديمي وحرية البحث العلمي، لكنها شددت على ضرورة توفير نصوص أكثر وضوحًا وشمولية لتعزيز هذا الحق.
كما ذكرت الدكتورة السرغلي مثالًا من لبنان لتوضيح كيف يمكن أن يُساء استخدام العلم، حيث قالت: “على الرغم من الفوائد التي تجلبها التكنولوجيا في حياتنا، فإن الشعب اللبناني يعيش في خوف دائم من التكنولوجيا التي تربطهم بالعالم. فالأجهزة التي نستخدمها يوميًا، مثل الهواتف الذكية، قد تتحول إلى قنابل موقوتة. ففي إحدى الهجمات في لبنان، خشي المواطنون من أجهزة الواي فاي والهاتف المحمول بعد الانفجارات، مما يبرز الاستخدام الخطير للتكنولوجيا في سياق الحروب”.
وتناولت الدكتورة السرغلي الوضع في فلسطين، مؤكدة أن حق العلماء الفلسطينيين في ممارسة العلم بحرية وحمايتهم في غزة والضفة هو جزء لا يتجزأ من الحق في العلم. قالت: “كما أن حق العلم يجب أن يشمل حماية العلماء، خصوصًا في مناطق الحرب، فإن الواقع في فلسطين يعكس الحاجة الملحة لذلك. فقد فقدنا العديد من العلماء الفلسطينيين في ظل الحروب المستمرة، ومنهم البروفيسور سفيان التاية، الذي كان من بين أفضل 2% من الباحثين العلميين عالميًا قبل استشهاده مع عائلته في غزة. أكثر من 100 عالم وفنان وأكاديمي قد تم قتلهم، وهذه الأرقام قد تكون أعلى، لكنها تظل صعبة التحقيق في ظل الظروف الراهنة.”
كان في استقبال الدكتورة سعادة السفير فارس القب، سفير فلسطين في إثيوبيا و خلال كلمتها رافقها تمثيل من السفارة الفلسطينية في أديس أبابا، تأكيدا على أهمية هذه المشاركة على المستوى الوطني والدولي.
بدوره أكد الدكتور عبد الناصر زيد، رئيس جامعة النجاح، على أهمية العلم والعلماء والحاجة الماسة لدعمهم وحمايتهم. وأعرب عن اعتزازه بهذه المشاركة، التي تحمل فكرًا حقوقيًا ورؤية تؤمن بها جامعة النجاح. وأضاف أن الجامعة ستسعى دائمًا للاستثمار في العلوم الطبيعية والإنسانية رغم المخاطر والتحديات المحيطة.
اختتمت الدكتورة السرغلي حديثها بالتأكيد على أن العلم يجب أن يبقى قوة لصالح الإنسانية، تعمل على تعزيز قيم العدالة والمساواة، وأن هذا هو جوهر حقوق الإنسان كما تم التأكيد عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مؤكدة دعوتها لليونسكو لاستخدام الوقت الحالي للعمل على وثيقة حماية جديدة للعلم والعلماء.