جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


شاركت الدكتورة عائدة أبو السعود القيسي عميدة كلية التمريض في اليوم العلمي الذي نظمته كلية القانون ومركز الدراسات والاستشارات القانونية في الجامعة بمحاضرة تحت عنوان الأ خطاء الطبية والمسؤولية الناتجة عنها . وقد ركزت د. القيسي على أخطاء قطاع التمريض وكيفية العمل على تفاديها وقد بدأت محاضرتها بتعريف الخطأ الطبي بأنه انحراف الطبيب/الممرض عن السلوك الطبي العادي والمألوف، وما يقتضيه من يقظة وتبصُّر، إلى درجة يهمل معها الاهتمام بمريضه، أو هو إخلال الطبيب/الممرض بالواجبات الخاصة التي تفرضها عليه مهنته، وعدم الالتزام بمراعاة الحيطة والحذر والحرص على الحقوق والمصالح التي يحميها  المشرع.

وقد نوهت د.القيسي بأن الخطأ الطبي يقوم على توافر عناصرمنهاعدم مراعاة الاصول والقواعد العلمية المتعارف عليها في علم الطب/التمريض، الإخلال بواجبات الحيطة والحذر، إغفال بذل العناية التي كانت في استطاعته، وتوافر رابطة أو علاقة نفسية بين إرادة الطبيب/الممرض والنتيجة الخاطئة اتجاه إرادة الطبيب/الممرض على غير النحو الذي يفرضه أولي الخبرة، بالاضافة الى إغفال الطبيب/الممرض ما يتمتَّع به من معلومات وإمكانات ذهنية كي يدرك الأخطاء المرتبطة بسلوكه، وعدم توقُّعه النتيجة الخاطئة التي كان في وسعه تجنُّبها لو بذل العناية الكافية.

حيث بينت د.القيسي ان المقصود بالإهمال "التقصير فى أداء الواجبات والمهام المسندة إلى الطبيب/الممرض فى التوقيت المناسب وبالطريقة السليمة"، وتعبير ألاهمال الوظيفي فيَنطبقُ على المحترفين ِ، بما فيهم الممرضين/اتِ، ولا معنى في أغلب الأحيان للتفرقة بينه وبين ألخطأ الطبي، وذلك لأن دعاوي سوء التصرف ودعاوي الإهمالِ تتضمن عموماً نفس العناصرِ — ويَحمل نفس الإمكانيةِ للعقوباتِ القانونيةِ الحادّةِ

وقد أوضحت د. القيسي بأن معظم اخطاء الممرضيين /ات تحدث بسبب الاهمال وقلة الحرص، وهذا يزداد سوءا بسبب عدم كفاية التدريب أو التعب. ومن المحزن ان أخطاء الممرضين تزداد، وكثيرا ما تؤدي الى اصابات خطيرة أو وفاة. وهذا ناتج عن ثمة نقص حاد في الممرضات المسجلات حملة شهادة البكالوريوس في التمريض والتخصصات المختلفة في فروع التمريض، وشارت ان مستشفيات كثيرة لجأت الى فرض الزاميه العمل الاضافي، الأسوأ من ذلك، أن يتم تعاقد المستشفيات مع بعض الممرضين/ات غير مؤهلين /ات، وغير مرخصين من بعض الوكالات لمواكبة الطلب، وقد أوضحت بأن الدراسات بينت وقوع اخطاء التمريض زادت بمعدل ثلاث مرات بعد ان امتد العمل 12.5 ساعة. وبناء عليه فقد أوضحت حقوق المريض القانونية بأنه اذا اصيب المريض بأذِى بسبب خطأ طبي/ تمريضي يكُون مؤهّلَ لرفع دعوى سوءِ تصرف طبية ِللحصول على التعويضِ لخسائرِالمريض التي تَتضمّنُ التكلفَة الطبيةَ والألمَ والمعاناة، وقد أوضحت أنواع الأخطاء الطبية، ومنه الخطأ الفني: وهو الخطأ الذي يصدر عن الطبيب/الممرض ويتعلق بأعمال مهنته، ويتحدَّد هذا الخطأ بالرجوع الى الأصول والقواعد العلمية والفنية التي تحدِّد أصول مهنة الطب/التمريض،  يتولَّد هذا الخطأ إما نتيجة الجهل بهذه القواعد أو بتطبيقها تطبيقاً غير صحيح، أو سوء التقدير وأمثلةعلى ذلك ان الطبيب الذي يصف دواء أساء إلى صحة المريض لحساسية خاصة لم يتبينها، أو يغفل عن استدعاء طبيب أخصائي لعدم تقديره خطورة حالة المريض، أو يطبق وسيلة علاج جديدة لم يسبق تجربتها في كل هذه الأمثلة يعتبر الطبيب مقترفاً خطأً فنياً،

وأيضا الخطأ المادي هو: الإخلال بواجبات الحيطة والحذر العامة التي ينبغي أن يلتزم بها الناس كافة، ومنهم الطبيب/الممرض في نطاق مهنته، باعتباره يلتزم بهذه الواجبات العامة قبل أن يلتزم بالقواعد العلمية أو الفنية الطبية، وأمثلةعلى ذلك إذا أجرى الطبيب عملية جراحية بأدوات جراحية غير معقمة أو ترك بعضها في بطن المريض فإنه يكون مقترفاً خطأً مادياً.

وقد تناولت الدكتورة القيسي كيفية تحديد المسؤولية الطبية قانونياً والتفريق بين الخطأ والمضاعفات، حيث أظهرت بأن الخطأ الطبي مسألة موضوعية يجب ان يرجع الفصل فيها الى لجنة فقهية طبية، تلتزم هذه اللجنة بإثبات توافر الخطأ ليكون حكمها بالإدانة صحيحاً، يرأسها قاض يساعده أساتذة من كليات الطب واستشاريين في نفس التخصص، لإظهار عناصر الخطأ المستوجب لمسؤولية الطبيب وعرضه على رأي اهل الخبرة.

من المتعارف عليه أن ثمة قواعد واصولاً مستقرة في علم الطب لايتسامح فيها، وخروج الطبيب عليها يسم سلوكه بالخطأ، وتستوجب مسؤوليته ولا عبرة بكون الخطأ جسيماً أو يسيراً إذ المنطق يقضي أن يكون عقاب من صدر عنه خطأ جسيم أشد من عقاب من كان خطأه يسيراً. وتقدير جسامة الخطأ هو مسألة موضوعية تخضع لتقدير اللجنة، مستعينة بالظروف التي أحاطت بالخطأ، وما يتعلق بالمضاعفات العلاجية، من المعروف أن أي مداخلة علاجية (جراحية أم غير جراحية) تحمل في مضمونها احتمال حدوث مضاعفات بنسبة معينة.

وقد أضافت بأن اي خطأ طبي بغض النظر عن حجمه تقف وراءه ثلاثة عناصر مترابطة هي المريض والطبيب والانظمة الطبية القائمة التي تحكم عملها. في مقدمة الاسباب التي تؤدي الى الخطأ الطبي عنصر التعب والإرهاق الجسدي والنفسي خاصة في العمليات الجراحية التي تتطلب حضورا ذهنيا وحسيا. كما ان الطبيب اذا لم يستشر زملاءه في بعض الحالات الصعبة والمعقدة فالاحتمال ان يقع في الخطأ وارد كما ان اختلاف اللغة بين الطبيب والمريض تسبب حاجزا نفسيا ومعنويا لكل طرف، والعنصر الثالث:انعدام مبدأ الشفافية وسوء اختيار الطاقم الطبي المساند للطبيب من هيئة تمريض وفنيين وصيانة والبحث عن اصحاب الرواتب المختلفة بغض النظر عن الجودة كل ذلك يؤدي الى تفاقم مشكلة الاخطاء الطبية(عولمة الاخطاء الطبية)، ان حدوث الاخطاء الطبية والتبليغ عنها لايعني ان هناك مشكلة او نقصا او شيئا من هذا القبيل بل على العكس بل ان معرفة ماهية هذه الاخطاء واسباب حدوثها هي التي تساعد في المستقبل على تلافيها.

ومن أهم التوصيات التي خرجي بها الدكتورة ألقيسي تطبيق الوصف الوظيفي لمختلف طاقم التمريض،  زيادة عدد الممرضيين/ات الحاصليين على شهادة البكالوريوس في التمريض، فتح برامج تمريضية تخصصية، التعليم المستمر وأهميته في التقليل من حدوث الأخطاء الطبية، رفع رواتب الممرضيين/ات، من الضروري إنشاء نظام يتولى مراقبة سلامة هذه المهنة، نظام لتوثيق الأخطاء الطبية والاستفادة منها، الضرورة تقتضي تسريع محاكمة الطبيب او الاطباء المخطئين حتى لا تطوى مثل هذه القضايا وتنتهي بالاهمال.

وأضافت العمل على مراجعة اللائحة التنفيذية لمزاولة مهنة الطب اذا كان بها بعض الثغرات حيث أن أحيانا المعنيين بالقضية ليسوا مشمولين من حيث الصياغة في مسمى اللائحة وهو الدفاع الذي بموجبه يبرأ المتهمين، تدريس مادة فقه الطب في كليات الطب والتمريض المختلفة، أن تتبنَّى نقابة الأطباء ونقابة التمريض تنوير الأطباء والممرضين وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم عن طريق عقد ندوات عن أخلاقيات الممارسات الطبية في مناهج وممارسات الطبيب والممرض، تأصيل معنى المراقبة الذاتية، عدم السماح بدوام المناوبة المزدوجة في المستشفيات والمراكز الصحية، التوثيق الدقيق في وقته وتطبيق اساليب التوثيق الحديثة. أيّ فجوات وَجدتْ في المعرفة يَجِبُ أَنْ تُصبحَ فرصَ جديدة للتَعَلّم، و جود بروتوكولات للعلاج ووجود نظام رقابي وإشرافي متكامل لجودة الخدمة، وأيضا يجب على نقابات الأطباء/ الممريضين/ات و المحاكم الخاصة للفصل في مثل تلك المسائل المتعلقة بالخطأ الطبي أن تعيّن لجان محاسبة مكونة من خبراء في الطب والتمريض والفقه نزيهين ومن ذوي السمعة الحسنة، مهمتها التحقيق في أخطاء الممارسات الطبية/التمريضية وإبداء الرأي الفني والشرعي فيها، وتحديد المسؤوليات، وأن توضع القوانين التي تنظم عمل هذه اللجان والعقوبات التي تترتب على كل خطأ أو تقصير أو إهمال. كما أن مهمة هذه اللجان هي الفصل في الحكم هل الطبيب/الممرض أخطأ أم لا؟ وما هو مقدار هذا الخطأ؟ وبحسب مقدار هذا الخطأ يتحمل الطبيب جزءا من تعويض المريض عن الضرر الذي أصابه أو لحق به، والجزء الآخر يجب أن يدفع من صندوق في نقابة الأطباء/الممرضين ومخصص لهذا الغرض والتشدد في تطبيق معايير الجودة الشاملة في كل ما يتعلق بالصحة والأطباء والممرضين/ات العاملين فيها ومن هنا تبرز أهمية إيجاد آلية تضمن إعادة تسجيل الأطباء/الممرضين كل عام أو في فترات زمنية متقاربة للتأكد من كونهم لا يزالون على دراية بعملهم والمستجدات في علوم الطب/التمريض. كما أوصت د. القيسي ببناء قاعدة بيانات شاملة سريريه، وتطوير امكانية كتابة تقرير الحادث الناتج عن سوء التصرف الطبي الكترونيا.


© 2025 جامعة النجاح الوطنية