جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


دعا د. جلال الدبيك خبير في علم هندسة الزلازل، ومدير مركز علوم الارض وهندسة الزلازل في الجامعة إلى الشروع الفوري في وضع خرائط علمية للمدن والتجمعات السكنية الفلسطينية، للتعامل بشكل فعال ما بعد الهزات الأرضية، ولتوضيح المناطق الحساسة، والسيناريوهات المحتملة للتعامل مع الأزمة، وتشكيل فرق الإنقاذ والإغاثة والتجمعات الآمنة وخطط عمل لما بعد الكارثة.

وقال د. جلال الدبيك نائب رئيس الهيئة الوطنية للتخفيف من آثار الكوارث،  إن التعاطي مع الزلازل ينبغي أن يخضع لخطوات تنفيذية، تشتمل على الاستعداد للكارثة، إذا ما وقعت لا قدر الله، وتمر بمواجهتها أثناء حدوثها، وتنتهي بأخذ العبر من نتائجها.

وتحدث في بداية الحلقة عبد الباسط خلف قائلاً: إن الهدف من وراء اللقاء، بالنسبة لوزارة الإعلام والإغاثة الدولية، ليس بث الرعب في النفوس، وإنما وضع الأحرف الأولى لبدايات صحيحة تؤهلنا للتعاطي الجيد مع الأزمة، وتجعلنا نفرق بين الكثير من القضايا المتصلة بالهزات الأرضية، والوقوف عند مسؤولياتنا.

وأشار الدبيك خلال حلقة دراسية نظمتها وزارة الإعلام في جنين ومؤسسة الإغاثة الدولية، إلى أن المخاطر التي تنجم عن الهزات الأرضية وأي ظاهرة طبيعية وصناعية، تتوقف على مصدر الخطر وقابلة الإصابة، ومدى الجاهزية.

وأضاف: إننا لا نستطيع منع الزلازل، لكننا نستطيع تقليل مخاطرها، وهذا يرتبط بمصدرها وموقعها وقابلية الإصابة في صفوف المدنيين والأبنية على حد سواء. في الوقت الذي يتحتم علينا تحليل المخاطر وقابلية الإصابة، وتحديد أنواع التهديد، لنصل في النهاية إلى معرفة بمقدرة المجتمع ومؤسساته على مواجهة تبعات  الزلازل.

وحث د. الدبيك، المؤسسات والأفراد وصناع القرار، على انتهاج سياسة الأخذ بالأسباب، والوقاية، قبل حدوث الكارثة للتخفيف أكبر قدر ممكن من  تبعاتها وويلاتها.

وخصص حيزاً كبيراً من الحلقة لعرض مجموعة من الحقائق العلمية، المدعمة بالصور والأرقام والدراسات السابقة التي عالجت النشاط الزلزالي، واتجاه الحركة النسبية للصفائح الأرضية، والتعريف العلمي للظاهرة.

وقال الدبيك: إن البحر الأحمر يزداد عرضاً في كل سنة، بمعدل اثنين سنتمتر مربع، فيما تتحرك الأردن مبتعدة عن فلسطين حركة نسبية باتجاه شمال شرق بمعدل من 5-7 مليمتر كل عام، وتطرقت المحاضرة إلى ظاهرة التسونامي، والتميؤ، وهو تحول التربة إلى ماء، والانزلاقات الأرضية والتضخم الزلزالي.

وأستعرض تاريخ النشاط الزلزالي في فلسطين منذ مئات السنين، مشيراً إلى سنوات 1202، و1212، و1339، وهزات الأعوام 1903، و1923، و1927، و1945، و1996، وعرض صوراً وخرائط ووثائق للزلازل الفارقة، مشيراً إلى أماكنها أما في منطقة البحر الأحمر، أو في شمال فلسطين المحتلة العام 1948.

وقال الدبيك: إن الهزة الأرضية التي وقعت في العام 1759 ، خلفت نحو أربعين ألف ضحية في فلسطين ولبنان وسوريا. وهذا يعني أن الدراسات العلمية أجمعت بحدوث زلزال، يمكن أن يكون بين 6 درجات وست درجات ونصف الدرجة علة مقياس ريختر، إذا كان مركزه البحر الميت، فيما ترى بعض الدراسات أن زلزالاً مصدرة المناطق الشمالية، ممكن أن تصل درجته إلى سبعة بحسب مقياس ريختر، والذي يعني أن تكون سرعته الأفقية بين 300-700 سنتمتر مربع في الثانية، ويؤدي لإحداث تشققات واضحة في المباني المقاومة للزلازل، فيما تميل المنشآت الخرسانية بشدة أو تنحني خارج مستوى الإطارات، وتحدث تصدعات كبيرة في الحوائط الحاملة غير المسلحة، وتنهار الكثير من الإنشاءات سيئة التنفيذ، فيما تنفصل بعض المباني عن أساساتها، وتتشقق التربة بوضوح، فيما تقص بعض الأوتاد الأرضية.

وتتطرق  مدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح الوطنية، إلى الإنزلاقات الأرضية التي حدثت في نابلس وفي عدد من المناطق الفلسطينية، داعياً أخذ علم سياسة استخدامات الأراضي بالاعتبار، وذلك لتجنب الانزلاقات الأرضية التي قد ترافق حدوث الزلازل وتميؤ التربة الرمالية بالاضافة الى التضخم الزلزالي.

وأشار بتكثيف إلى تجارب دولية في الولايات المتحدة واليابان والمكسيك والإكوادور، فمثلاً تعد ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة واليابان ونيوزلندا من أكثر المناطق في العالم عرضة للنشاط الزلزالي، لكنها الأقل خسارة، كون الأبنية مصممة لمقاومة الهزات الأرضية، فيما انهارت مقار الدفاع المدني والمستشفيات في أمريكا اللاتينية وتركيا والباكستان وايران وغيرها.

ووصف الدبيك الزلزال بأنه رقابة جودة على الإنشاءات البشرية، فهو يستطيع تمييز المناطق المعدة جيداً من تلك السيئة.

وخصص قسطاً من الحلقة للإشارة إلى درجات الزلازل وتصنيفها وفق المقياس الأوروبي، وطرائق التعاطي مع الإنشاءات، وكيفية إدارة غرفة العمليات وحال الطوارئ، مشدداً على ضرورة أن لا تخلق وسائل الإعلام هلعاً للمواطنين، عبر استخدامها لعناوين تدب الرعب، أو تبالغ في الموضوع. كما انتقد الخطاب الديني عند بعض الوعاظ الذين لا يتناولون الزلازل بأسس علمية، ولا يفصلون بين الأخذ بالأسباب والإهمال، أو الإدارة السيئة للأبنية، والفرق بين التوكل والتواكل.

وتطرق الدبيك إلي التشريعات المعمول بها في مجال البينية، وبخاصة بعض القوانين الفلسطينية أو القانونين الأردني والمصري المعمول بها في فلسطين اللذين يشددا على ضرورة التزام المهندسين بمعار الجودة لمقاومة الزلازل، لكن المشكلة تكمن في غياب التطبيق والرقابة.

وأختتم اللقاء بالإشارة لتوقيت الزلازل، قائلاً: لا أحد يستطيع التنبؤ بذلك، فقد تحدث الهزة الأرضية في أية لحظة، وقد تحدث بعد سنوات طويلة، أو أيام معدودة، لكن ينبغي علينا أن نبدأ منذ آن لإدارة الأزمة قبل وقوعها.


© 2025 جامعة النجاح الوطنية