دعم الأسر المقدسية وإنشاء مكتبة لجمع تراث القدس وتشكيل جبهة اسلامية ومسيحية للدفاع عن المدينة أهم توصيات المؤتمر العاشر للقدس تحت عنوان
شارك عدد كبير من الباحثين والمثقفين الفلسطينيين والعرب من مختلف الجامعات الفلسطينية والعربية في مؤتمر القدس العاشر الذي عقدته كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية بعنوان: "استشراف الواقع الثقافي والحضاري في مدينة القدس عام 2009"، ويأتي عقد هذا المؤتمر استمراراًُ لمؤتمر يوم القدس الذي ينعقد في كل عام، ويتزامن عقد المؤتمر في هذا العام مع الاحتفالات التي تقام بمناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009، وهو تأكيد آخر على أهمية القدس التي أصبحت في مركز الاهتمام الفلسطيني والعربي والإسلامي.
واستضاف المؤتمر مجموعة من الشخصيات الهامة، وعلى رأسها سماحة الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي القضاة وغبطة البطريرك ميشيل صباح، والمحامي زياد ابو زياد ومحافظ محافظة نابلس الدكتور جمال محيسن، بالاضافة الى عدد كبير من الشخصيات الهامة.
بعد ذلك قام أ.د.خليل عودة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعميد كلية الآداب بافتتاح الؤتمر بالدعوة للنشيد الوطني الفلسطيني، وتلاه قراءة ايات عطرة من القرآن الكريم.
وابتدأ المؤتمر اعماله بكلمة للاستاذ الدكتور رامي الحمد الله رئيس جامعة النجاح الوطنية الذي اشار أن القدس كانت وستظل بمساجدها وكنائسها عصية على محاولات الترويض والإذلال، لان مدينة بحجم القدس ومكانتها الدينية والتاريخية، وعمقها العربي والإسلامي لا يمكن أن تذوب أو تتآكل مع احتلال يحاول أن يغير هويتها، ويزرع فيها بيوتاً من الحجر تغطي سورها العظيم.
وأكد أ.د.حمد الله على ضرورة أن يكون هذا الحراك الذي صنعته القدس من خلال اختيارها عاصمة للثقافة العربية حراكا مستديما وليس في عام وينقضي.
دعا أ.د.حمد الله في نهاية كلمته إلى ضرورة توحد كافة الأطراف الفلسطينية، والتغلب على المصالح الحزبية والفئوية، لأنها لا تخدم القدس التي تنتظر الكثير من أبنائها، ففلسطين والقدس ترتقي إلى أعلى من هذه المصالح.
وفي نهاية كلمته شكر كافة المؤتمرين على ما قدموه لإثراء هذا المؤتمر، ودعا إلى الاستمرار في عقد هذا المؤتمر في كافة المؤسسات التعليمية والثقافية والاجتماعية والسياسية في الوطن.
اما سماحة الشيخ تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين فقد شكر في بداية كلمته جامعة النجاح على استضافة هذا المؤتمر الهام في الوقت الذي تتعرض فيه المدينة الى خطر التدمير وتهجير اهلها، واكد في كلمته على ضرورة وحدة كافة الاطراف الفلسطينية لخدمة القدس التي طالما ناضل اهلها وتحملوا مسؤولية الحفاظ عليها على مدار عقود من الزمن منذ بداية الحملات الصليبية ولغاية يومنا هذا.
وحذر سماحته من عملية التطهير والتهجير التي تتعرض لها المدينة المقدسة واشار الى ان هذه التحديات موجبة لكافة الفلسطينيين للتوحد والدفاع عن القدس والقضية الفلسطينية.
وطلب من الامة العربية والاسلامية ضرورة التحرك قبل فوات الاوان، كما طالب ان يكون يوم الجمعة يوم غضب عالمي لنصرة القدس واهلها ضد الاجراءات الاسرائيلية التي تستهدف القدس والمسجد الاقصى.
بعد شكره لجامعة النجاح ورئيسها على تنظيم هذا المؤتمر الهام اشار غبطة البطريرك ميشيل صباح الى ضرورة وضع اجندة للعمل من اجل دعم القدس فعلى الرغم من ضرورة واهمية المؤتمرات الى انها يجب ان تتطور لتصل نحو عمل اكبر ومؤثر اكثر.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن التفكك الداخلي لانه لا يخدم المصالح الفلسطينية.
وقال زياد ابو زياد في كلمته الى ان مدينة القدس امانة في اعناق كل العرب والمسلمين وهي كرامة العرب فان بقيت محتل فالكرامة العربية محتلة، ودعا زياد ابو زياد وزير شؤون القدس الى وقف النضالات عبر وسائل الاعلام لقضيته، ويجب ان تنقل المعركة على ارض القدس، وقال :"يجب ان نعمل بصمت لا سيما وان الجانب الاسرائيلي يأخذ هذه التصريحات على محمل الجد ويقوم باتخاذ خطوات لتهجير المواطنين من مدينة القدس".
واكد ابو زياد ان مشكلة القدس هي مشكلة سياسية واسرائيل تعمل كافة الاجراءات لتهويد المواطنين فيها وحتى تعمل على مسح الوعي الفلسطيني من الذاكرة الفلسطينية.
توزعت أوراق العمل على جلستين رئيسيتين وتعددت موضوعات الأبحاث التي عرضت خلاله، حيث ترأس الجلسة الاولى الاستاذ موسى ابو دية، عميد شؤون الطلبة في الجامعة وفيها قدم الباحث المغربي من جامعة تطوان الأستاذ الدكتور أحمد السعدي مقترحاً عملياً لإنشاء مكتبة رقمية تحافظ على تراث القدس وتمنع من تزويره أو تزييفه، لتكون شاهداً ودليلاً على أصالة التراث العربي والإسلامي في مدينة القدس.
كما حدد الدكتور هيثم الرطروط من كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية، رؤية مستقبلية للمدينة المقدسة. بينما وضح الدكتور إبراهيم الفني عن الخطط الإسرائيلية الثلاث حول بناء الهيكل وتدمير المسجد الأقصى. وتحدث الدكتور جمال خضر عميد كلية الآداب في جامعة بيت لحم عن مستقبل الإرث العربي المسيحي في القدس مع تزايد حملات التهويد للمدينة المقدسة.
وشاركت أميمة خريشه من جامعة الخليل في الورقة التي قدمتها حول تاريخ بيت المقدس في العهد الإسلامي، أما الدكتور سميح حموده من جامعة بير زيت فقد تناول موضوع مستقبل القدس بين الرؤية الصهيونية والنموذج الحضاري العربي الإسلامي. وتناول الدكتور محمد الشريدة من كلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية مكانة القدس الدينية، والسياسية، والاجتماعية، والعمرانية التي تفرضها إسرائيل على أرض الواقع في المدينة المقدسة.
وتناولت جلسة العمل الثانية موضوعات متنوعة، حيث ترأسها الدكتور ماهر ابو زنط، رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والتي عالجت مستقبل مدينة القدس على أكثر من صعيد، فالدكتور فيصل طحيمر من جامعة القدس المفتوحة، تناول استشراف المستقبل في شعر عبد القادر الحسيني وتراسله، وتحدث أ. عليان الهندي عن مستقبل مدينة القدس من وجهة النظر الإسرائيلية.
أما عباس نمر من وزارة الأوقاف يتحدث عن مستقبل المقدسات الدينية في ضوء الخطر المحدق بهذه المقدسات، ومحاولات هدم المسجد الأقصى، وازدياد عمليات الحفر في داخل البلدة القديمة.
وتناول د. حسن نعيرات من جامعة النجاح خصائص العمارة الإسلامية والزخرفة الإسلامية في بيت المقدس، وفي حين يتحدث د. خالد الحلو عن مستقبل الصراع على القدس من منظور ديني.
وفي ورقته تناول أ. غسان بدران من جامعة النجاح موضوع أبناء الخزر الذين هم الأصل في التسمية، وتعالج صباح الصباح الواقع العمراني والحفريات حول الحرم القدسي الشريف.
وأما زهير الدبعي فقد تناول موضوع استشراف مستقبل القدس، وتعرض لسبل حماية المدينة المقدسة في مقابل ألوان الخطر التي تتهددها. واستعرض د. يحيى جبر مع أ. عبير حمد موضوع المسجد الأقصى في الزمان والمكان والسنة والقرآن.
وقد خلص المؤتمرون إلى مجموعة من التوصيات التي حددها في رؤية مستقبلية واضحة للمدينة في واقعها الثقافي والحضاري، وتحديد أولويات العمل من أجل الحفاظ على مدينة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وعاصمة للثقافة العربية.
وأكدوا على ضرورة الاستمرار في عقد مؤتمر يوم القدس في كل عام، وإعطاء هذا اليوم أهمية خاصة، وتوجيه جميع المؤسسات الفلسطينية الأكاديمية والغير أكاديمية للاحتفال بيوم القدس، وجعل القدس حاضرة في وجدان أبناء الشعب الفلسطيني. بالإضافة إلى توجيه الدعم للمفاوض الفلسطيني مع مفاوضات السلام مع الطرف الآخر والتأكيد على عروبة القدس وإسلاميتها.
وأهمية التركيز في وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية على أن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة. وضرورة إنشاء شبكة تعاون مع المؤسسات العربية والإسلامية الداعمة للقدس، والمشاركة الفاعلة في جميع الأنشطة التي تقام حول المدينة.
استغلال وسائل الاتصال الالكترونية للتعريف بمدينة القدس، واستغلال هذا الجانب الإعلامي لدحض الإعلام الغربي والصهيوني حول تاريخ المدينة المقدسة ومستقبلها. وإيصال الصوت القدس إلى المحافل الدولية التي تعالج موضع المدينة للتأثير في صانعي القرار.
كما خلص المؤتمرون إلى تشكيل جبهة إسلامية مسيحية للدفاع عن القدس وإحباط المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى طمس المعالم الإسلامية والمسيحية فيها.
إنشاء مكتبه رقمية لجمع تراث مدينة القدس، ودعم الأسر المقدسية التي تتعرض لمحاولات هدم منازلها، الاتصال بالمؤسسات الأجنبية واطلاعها على أوضاع المقدسيين وما يتعرضون له من محاولات الإبعاد القسري عن منازلهم.
وأوصوا بإنشاء مراكز علمية متخصصة في موضوع القدس، وتعزيز سبل البحث العلمي حول هذا الموضوع. وطباعة الأوراق المقدمة في كتاب خاص يحمل اسم المؤتمر وعنوانه.
وكانت جوقة جامعة النجاح الوطنية قد شاركت في المؤتمر بوصلات فنية عن مدينة القدس، وبعد الجلسة الافتتاحية قام الاستاذ الدكتور رامي حمد الله رئيس الجامعة والدكتور جمال محيسن محافظ محافظة نابلس بتقديم درع الجامعة للحاجة ام كامل الكرد التي هدم الاحتلال بيتها منذ فترة وانتقلت للعيش في خيمة على انقاض البيت والتي تعرضت للهدم ست مرات ايضا قدموا درع الجامعة تقديرا لها على صمودها في ارضها.
وحضر المؤتمر ايضا عدد من اعضاء مجلس امناء الجامعة واعضاء في المجلس التشريعي، ورجال دين مسلمين ومسيحيين وممثلين عن الفعاليات الرسمية والشعبية من مختلف المحافظات.