بمشاركة إذاعية لابطال مسلسل باب الحارة: النجاح تنظم ورشة حول الدراما السورية ودورها في تعزيز القيم الاجتماعية
نظم برنامج زاجل التابع لدائرة العلاقات العامة في جامعة النجاح الوطنية ورشة حوار حول الدراما السورية ودورها في تعزيز القيم الاجتماعية والاسرية والوطنية، وتم اختيار مسلسل باب الحارة نموذجاً لهذه الدراسة، واشتملت الورشة على محاور متعددة منها صورة المرأه في الدراما السورية، دور الدراما في تعزيز القيم الاجتماعية والاسرية والوطنية وشارك في الورشة مجموعة من المتخصصين والمهتمين بموضوع الورشة التي تم تنظيمها في مدرج الشهيد ظافر المصري في الحرم الجامعي القديم.
وإبتدأت الورشة بمقدمة ترحيبية للسيد علاء ابو ضهير منسق برنامج زاجل الذي قال ان مسلسل باب الحارة جاء في وقت عصيب يمر به الوطن الذي يعيش حالة من القلق والاحباط، وقدم هذا المسلسل حياة من نوع آخر، او بالاحرى نموذجاً لما كانت عليه العلاقات الاجتماعية والاسرية في السابق، واضاف ان مسلسل باب الحارة قد جاء بالشخصيات النبيلة والمنازل الشامية القديمة وارض الديار والبحرة وشجرة النارنج والياسمين والاكلات الشامية الشهية والتاريخ والتراث الشعبي والعطاء والالفة والمحبة والجيرة الصادقة والاخوة وغيرها من القيم والمبادىء التي تراجعت في المجتمع الفلسطيني، فكان مسلسل باب الحارة ملاذاً لخلق عالم آخر يطمح الناس به ونمط حياة يحلمون بإعادة إنتاجه لما فيه من قيم وأخلاق.
مداخلة الفنان السوري عباس النوري (ابو عصام):
توجه الفنان السوري عباس النوري (ابو عصام) بالتحية الى المجتمع الفلسطيني وجامعة النجاح الوطنية وقال اننا قد تربينا في سوريا على محبة فلسطين ونربي ابناءنا على هذا الاساس إذ أصبحت القضية الفلسطينية جزءاً من دمائنا ثم قام بتوجيه التحية للمجتمع الفلسطيني على صموده، وأعرب عن سعادته للحديث مع جامعة النجاح وأعرب عن اعجابه بالنهوض الذي تمر به ادارة الجامعة. وتحدث عن صورة المرأة والتشويه الذي لحق بصورة المرأة وقال ان مسلسل باب الحارة قد قدم اقتراح رؤية وليس رؤية وبالتالي لا ُيدان ولا يدين احداً، واستغرب من استعمال كلمة المراة السورية في التحليل لوضع المرأة وقال ان المرأة العربية تمر بظروف مشابهة وليس فقط المرأة السورية، واضاف ان الإختلاف هام من أجل البناء وان هناك ضرورة للخلاف في وجهات النظر بين الرجل والمرأة من أجل التوجه نحو الكمال، وقال ان المرأة في باب الحارة كانت منسجمة مع حياتها وكانت قوتها في مدى حنانها، وكان هناك إهتماماً كبيراً في إظهار المظالم التي تعيشها المرأه، ولكن حين طلق ابو عصام زوجته لم يطردها من البيت بل طرد نفسه وذلك إشارة الى مقدار حبه لها، وقال ان المرأه تعاني من استلاب حقوقها حتى الآن وأن التحرر مرتبط بالتطور الزمني ولا نستطيع ان نخترع نمطاً للحياة بعيداً عن الانسجام والخلاف في آن واحد، فالمرأة تبدو مجبرة على كل خياراتها وليس لها حق إبداء الرأي، وحتى المرأة المسيحية تعاني من نفس المشكلة فالتطور ليس مرتبطاً بالدين بل بالعلاقات الاجتماعية وتطورها وليس مطلوبا من المرأة ان تكون رجلاً، لكن الصورة التي قدمها باب الحارة هي صورة حقيقية لا زلنا نعيشها حتى الآن إذ لا زال هناك الكثير من الرجال والنساء على هذه الشاكلة.
مداخلة الفنان السوري وفيق الزعيم (ابو حاتم):
يسعدني التواصل مع احبائنا في بلدنا الثاني فلسطين المحتلة وفي جامعة النجاح وتوجه بالشكر الى الجمهور الفلسطيني وقال أن أجمل ما في هذا المسلسل انه قد وصل الى مشاهدينا في فلسطين المحتلة، لقد فتح المسلسل الباب على الضمير العربي وأكد على عدم وجود حواجز بين البلدان العربية، واعرب الفنان وفيق الزعيم عن سعادته بالحديث الى جمهوره الفلسطيني وتمنى ان يكون هذا اللقاء مباشراً قريباً انشاء الله، وقال أن الماضي قد شرفنا واننا سنستطيع الوصول الى العالم عبر القلوب المحبة واعرب عن امله باللقاء بجمهوره في فلسطين، وتمنى ان ُتفتح قريباً ابواب الحارة الفلسطينية. وأضاف أن هذا المسلسل أكد على أهمية تاريخنا العميق حين صدرنا للعالم الثقافة والفكر والحب، ودخلنا العالم فاتحين لا غزاة، وبنينا قصوراً يفتخر الغرب بها، لنا ماضٍ نستطيع ان نصنع به مستقبلا مشرقاً أيضاً، إن أمهات العالم العربي يشبهن جميعهن سعاد وشبابه يمكنهم جميعا ان يكونو مثل العقيد، نحن لا نرضى الا بالعداله ولا يمكن لهذه الامة ان تموت.
مداخلة الفنان السوري زهير رمضان (ابو جودت)
وجه التحية للشعب الفلسطيني الشقيق وتحدث عن اهمية التواصل بين المجتمعين، وقال ان السلطة التي كانت تحتل سوريا هي التي أدت الى ذلك الأداء السيء للمخفر، واضاف أنه من الضروري ان تكون هذه السلبيات موجودة في النص الدرامي إذ أن الحياة ليس بيضاء فقط، إن اي سلطه محتله تقوم بايجاد عملاء لها تستعملهم لتحقيق مآربها ومنهم ابو جودت الذي سقط من نظر المشاهدين، واضاف ان زمن العولمة لم يأت من فراغ وإنما من أجل فرض هيمنة على ثقافتنا وتاريخنا وتراثنا الذي نشأ على قيم سماوية، واضاف ان الولايات المتحدة لا تتمتع بتاريخ عريق كالذي تتمتع به منطقتنا منذ العهد الفينيقي، وفي الوقت الذي كان الغرب الاوروبي يعيش عصر القرصنة كانت منطقتنا تنعم بالثقافة والعلم. وأكد على ان الدم العربي دم واحد والمستقبل العربي مستقبل واحد وأن باب الحارة دعوة للعودة الى الوحدة والحب والقيم الانسانية وذلك للوصول الى ما نرغب الوصول له في المستقبل.
مداخلة الفنان السوري نزار ابو حجر (ابو غالب)
هناك قيم مشتركة تمس جميع شعوب الوطن العربي، وأن ممثلي مسلسل باب الحارة يتمتعون بثقافة عالية رغم قيامهم بأداء أدوار متواضعة، وقال ان الشخصيات التي شاركت في المسلسل تتمتع بعمق ثقافي وينطبق ذلك على جيل الشباب من الممثلين السوريين لانهم تلاميذ للممثلين الكبار، وقال ان الدراما السورية تقدم فكر ورسالة وثقافة هادفة بقالب ظريف وممتع، وان تقديم الفكر والفائدة يتم بشكل يتناسب مع رغبة المشاهد. كما قال ان بمقدورنا المحافظة على القيم الاسرية والاجتماعية في تاريخنا المعاصر وأكد على دور الكتب السماوية والقيم الاجتماعية وذلك على الرغم من الحداثة، وقال ان فطرة الانسان خيرة ولكن الظروف التي تحيط بنا هي التي تدفعنا أحياناً لممارسة الشر ولكننا نعود لجذورنا حين تتغير الظروف.
مداخلة الفنان عادل علي (الشيخ عبد العليم)
تحدث عن قدرة المسلسل على إيصال القيم الاجتماعية والدينية بسهولة، وقال ان ثمار أي عمل ترتبط بانعكاسه لدى الجمهور، وأن كل انسان يحب الدفاع عن الكرامة والانسانية يستطيع القيام بذلك من خلال عمله، وتحدث عن اهمية المرجعية الروحية والسياسية وضرورة الانسجام بينهما ودورهما في تنمية العقول واضاف أن الاسلام قد رفع من قيمة المرأة.
في المحور الاول، تحدث كل من الدكتور وائل ابو صالح، عميد كلية المجتمع والسيدة ريما نزال، الناشطة النسوية حول صورة المرأه في الدراما السورية، تحدث الدكتور ابو صالح عن الظواهر الايجابية والسلبية في صورة المرأة في هذا المسلسل فقال: لم تخل حياة المراة في هذا المسلسل من ومضات تدل على الطيبة والحنان وصحوة الضمير كما اظهر لنا المسلسل من حين الى آخر حالة للمراة تجلت في معاملة نساء الحارة لازواجهن وهي معاملة تتسم بالتهذب والطاعة وقد تكون هذه الصورة مبالغا فيها واضاف ان هذا التضخيم كان وليداً لرغبة المخرج في تنمية روح الطاعة لدى الزوجة وهي صورة ايجابية لدى شريحة كبيرة من مجتمعنا فهي مطيعة ومحترمة تحترم زوجها وكل من له علاقة به وهي ايضا صاحبة الكرامة والكبرياء، واتضح ذلك في شخصية سعاد كما اتضح وضوحا شديدا من خلال موقف الحارة من طلاقها، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على قيمة المراة في حياة الرجل، فهي وان اساءت التصرف مع زوجها تبقى المراة الضعيفة التي يجب الصفح عنها وعدم التسرع بطلاقها، إذ أن موت المرأة قديما أهون من طلاقها، فالطلاق يقلل من شان العائلة، لذا يجب الابتعاد عنه قدر الامكان، اما بالنسبة للمجتمع، فنظرته للمراة المطلقة لاتختلف كثيرا عن النظرة الحالية لها فضلا عن ان المراة حلم كل شاب يطلبه باحترام وعفة وشرف وهي الحب الكبير وان لم يصرح به علنا من جانب الرجل اعتقادا منه ان هذا يقلل من قيمته ورجولته او شانه. والمراة في هذا المسلسل نعم المربي، فهي تعمل على تربية ابنائها تربية صالحة تحثهم على احترام الكبار ومساعدة الضعيف وتحاول ان تغرس في ابنائها كل المعاني الجميلة كاحترام الجار وعدم المساس باعراض الاخرين إذ تثور ثورتها لان ابنها طلب منها ان تطلب يد فلانة ظنا منها انه يعرفها. ومن الجوانب النبيلة التي عرض لها المسلسل للمراة جانب الحياء والخجل وصبايا الحارة المحتشمات يبتعدن قدر الامكان عن مواطن الشبهة حفاظا على اسم العائلة.
اما السيدة ريما نزال فقالت في مداخلتها حول صورة المرأة في مسلسل باب الحارة: إن العمل الدرامي يستند الى رؤيا وثقافة ذكورية عائلية ممتدة وشاملة، فالمجتمع في باب الحارة موحد ومتطابق في الرؤيا التي تقدم بها المرأة على أساس كونها جزءاً من احتياجات الرجل وأملاكه وفقا لدورها الأنثوي ولتقسيم العمل التقليدي بينهما، فهي مسلوبة الارادة والقرار والكيان ولا تملك ذاتها ولا مشاعرها ولا تشارك في القرارات المتعلقة بشأنها، فهي ُتزوج وُتطلق دون علمها وتتلقى الأوامر والتعليمات وتنفذها بصمت لاثبات جدارتها وتهذيبها، تنقل تبعيتها مع "بقجتها" وفقا لإرادة الرجل الزوج والأب والأخ، وزواجها لا يحدد ولا يوحد التبعية بل يعدد أطرافها ويعقدها، وتقف المرأة مستسلمة مستكينة خانعة راضية بما قسم لها النظام الأبوي، لا تحتج ولا تجد مخرجا لمشاكلها الا في البكاء والانتظار والطاعة العمياء والانوثة والدلال، فهي شخصية سلبية لا تحاول ان تغير من واقعها او تحسن شروطه، وفي أدوار أخرى أسندت لها صورة أخرى قدمتها منهمكة في النميمة والقيل والقال موقعة الرجال في مشاكل ناتجة عن ثرثرتها بسذاجة مفرطة، وعندما حاول العمل الدرامي أن يأتي بنموذج نسائي يسعى إلى فرض حضوره؛ كان نموذجاً متسلطا وشريرا يقمع الرجل ويصادر شخصيته.
وفي المحور الثاني، تحدث كل من الدكتور ماهر ابو زنط رئيس قسم علم الاجتماع والدكتورة نجاة ابو بكر الناشطة النسوية والاجتماعية، تحدث الدكتور ابو زنط في مداخلته عن عدة امور منها أسباب تعلق الناس بمتابعة المسلسلات السورية، الحاجة للعودة للعادات والتقاليد، مدى التشابة بين المجتمع السوري والمجتمع الفلسطيني، التركيز على دعم المقاومة الفلسطينية، أثر الدراما على القيم الإجتماعية، وتطرق المسلسل للثورة الفلسطينية. كما جسد المسلسل خطورة بعض المظاهر السلبية مثل الطلاق والعملاء، الحاجة إلى المحافظة على التقاليد الأصيلة وتعزيز علاقة الآباء بالأبناء وربط الشهامة والرجولة بالأخلاق وأثر ذلك على تماسك الأسرة وأهمية الوحدة الداخلية.
بينما قالت الدكتورة ابو بكر: لم يكتف المسلسل بأن كثف القيم وابرز جماليتها وتاثيرها في حياة الناس بل ذهب لاعطاء القيم سلطانا ماديا بان جعل لها مرجعيات من اشخاص يعرف كل واحد منهم دوره ومهمته، وفي إشراقة جديدة تنكشف العناصر الحقيقية في شخصية من سيتولى موقعا قياديا في الحارة أي في المجتمع. إنها الشخصية الاكثر عطاءً وحرصا على الكل والاكثر حزما وحكمة. الا ان العمل مع قدرته الفائقة كان منصبا على مرحلة هي في اواخر العهد العثماني، وما في المجتمع من قيم يتشبث بها الناس الا ان هناك بعض مظاهر الخلل الحقيقية التي جعلت من هذه القيم مجرد فلكلور ليس له في حياة الناس اليوم أكثر من الحنين والحسرة.
ففي المسلسل غابت قيمة الثقافة والعلم والوعي، وأصبحت الفتوة والنخوة والبنية الجسدية والشوارب بديلا عن الوعي والثقافة والتخطيط، كانت القيم استعراضية اكثر من كونها مبنية على وعي بما لها من مردود حضاري. كما أن النموذج الذي عرضت فيه علاقة الرجل بزوجته المهددة دوما بكلمة (طالق) يعني بوضوح مدى تاثر المجتمع العربي بالثقافة التركية المتمثلة بزمن الحريم. لقد كان باب الحارة رائعا لكنه كان أيضا خطيرا اذ لم يلق نقدا للمرحلة التي عاينها حينذاك لانه كان يروج لوجهة نظر متخلفة وهو بلا شك ليس كذلك.
وفي مداخلته حول البعد الوطني والقيم الوطنية قال السيد زهير الدبعي في مداخلته: إن الإسراف في جرعة التسلية والترويح عن النفس بمثابة حماية للوضع القائم وعرقلة لجهود التنمية والتحرر والنهضة لما ينطوي عليه الإدمان التلفزيوني من هدر للوقت وإضعاف للتعليم المدرسي والجامعي وإضعاف للعلاقات الأسرية والاجتماعية مع ما يفرزه ذلك من ضمور معرفي وضعف في اللغة ونقص في المعلومات وحالة من التماهي بين الواقع والخيال وما ينجم عنه من بيئة تغذي انتشار اللاعقلانية والعنف. وأضاف أن للمسلسل رايات لا بد من رفعها لنهضة وتحرر أي أمة وهي: الدعوة الوحدوية التي كادت تغيب بدعوى الاستقلال، والتي جعلت من خرائط سايسكس وبيكو بمثابة أوثان ألحقت الضرر بالأمة أكثر مما ألحقتها أوثان الجاهلية، ونابلس المدينة العربية الوحدوية الذاكرة والتاريخ والتي تعود عشرات من عائلاتها إلى مدن في الجمهورية العربية السورية والتي كان أحد أبنائها (نهاد القاسم) وزيرا في دمشق التي استقبلت قبل 800 عام عددا من المقاومين من آل ابن قدامة في قرية جماعين- جنوب نابلس والذين أسسوا حارة الصالحية في دمشق، وعلاقة نابلس مع دمشق لخصها المقدسي قبل أكثر من ألف عام بأنها دمشق الصغرى، لما تجد من تناغم في اللهجة والمفردات وطريقة نطقها وبالإضافة إلى العادات والتقاليد، وأكد الدبعي على أهمية حماية الذاكرة والاعتزاز بالتراث والعادات العربية التي أكد عليها الإسلام والتي تجعل من الحارة أو القرية نسيجا متنوعا وقويا وجميلا يحافظ على خصوصية البيوت وعلى متانة العلاقات الاجتماعية التي تعطي أولوية لحقوق الجار وللمروءة والنخوة والشجاعة والكرم والنجدة والشموخ.
وقال الدكتور نبيل علوي، مدير دائرة العلاقات العامة ان جامعة النجاح الوطنية تشجع تنظيم المزيد من الفعاليات التي تعزز إرتباط المجتمع الفلسطيني بعمقه العربي كما تهتم الجامعة بتنمية وتشجيع النشاطات اللامنهجية التي تعزز العلاقة بين الجامعة ومجتمعها كما أكد على أهمية التواصل مع نبض الشارع اجتماعياً وفنياً.