جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


في كل رحلة تعليمية هناك محطات تغيّر مسار الطالب وتمنحه منظورًا جديدًا. بالنسبة لي، كانت مشاركتي في برنامج التبادل الطلابي العربي إحدى أهم هذه المحطات؛ بل تحولت إلى فصل كامل من التعلم، الاكتشاف، والإلهام الذي سيبقى حاضرًا في مسيرتي إلى الأبد.


أنا الطالبة هيلينا خلف، أدرس الهندسة المعمارية في جامعة النجاح الوطنية. خلال هذا العام، حظيت بفرصة ثمينة للمشاركة في برنامج التبادل الطلابي العربي في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لمدة شهر كامل. لم تكن المشاركة مجرد مرحلة تدريبية محدودة، بل محطة غنية بالتعلم والإلهام تركت أثرًا عميقًا في مسيرتي الأكاديمية والشخصية.

كان الدافع الأساسي وراء التحاقي بهذا البرنامج إيماني بأن الخبرة العملية خارج حدود القاعات الدراسية تمنح الطالب آفاقًا أوسع لفهم تخصصه، فالدراسة النظرية تمنحنا الأساس، لكن التجربة الميدانية هي التي تُكسبنا القدرة على رؤية العمارة من منطور آخر، كما أن شغفي بخوض تجربة جديدة والانفتاح على بيئة أكاديمية مختلفة كان حافزًا مهمًا للانطلاق في هذه الرحلة.

بدأت المشاركة من داخل ورش حرم الجامعة الجديد، حيث اجتمعنا مع مهندسين وطلبة من تخصصات متنوعة لتبادل الأفكار والتعلم معاً. ولم يقتصر التدريب على الجانب النظري، بل شمل زيارات ميدانية لمشاريع معمارية مستدامة ومواقع أثرية، أكدت لي أن العمارة رسالة تحمل في طياتها بُعدًا حضاريًا وثقافيًا عميقًا.

ولم يكن الجانب الأكاديمي وحده حاضرًا، بل كان للجانب الثقافي حضور بارز أيضًا في هذه الرحلة. زرنا متاحف وأحياء شعبية ومساجد تاريخية مثل مسجد الرفاعي، السلطان حسن، ومحمد علي، حيث كانت الأحجار بمثابة صفحات تروي قصص التاريخ. وفي شارعي المعز والحسين تلمست روح الحياة الشعبية الأصيلة، بينما في مكتبة الإسكندرية وقلعة قايتباي تجلت عظمة الماضي كجسر يربط بين الحاضر والمستقبل. 

وعلى الصعيد الأكاديمي، أتاح لنا البرنامج فرصة التعمق في موضوعات حديثة مثل: التدفئة والتحكم الحراري في المباني الضخمة. كما تعرّفنا على أسس الكود المصري في التنظيم والبناء، وقمنا بزيارات مباشرة، وهذا ما أتاح لي معاينة التجربة العملية عن قرب، شملت نماذج مثل  Capital Business Park و حرم جامعة MUST.

بالإضافة إلى الجانبين الأكاديمي والثقافي، حملت التجربة بعدًا اجتماعيًا مميزًا؛ فقد أتاحت لي فرصة التعرف إلى زملاء من دول عربية متعددة مثل اليمن والعراق وكردستان وغيرها، وكان لكل منهم بصمته الخاصة في تقديم ثقافة بلده وتجربته. هذه اللقاءات جعلت من الجامعة كعائلة عربية واحدة نتشارك فيها الطموحات والأحلام رغم اختلاف لهجاتنا وأوطاننا.

وفي الختام، أتوجه بخالص الشكر إلى مركز التدريب العملي في جامعة النجاح الوطنية على إتاحة هذه الفرصة، وإلى جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا على حسن الاستقبال والتنظيم. لقد كانت رحلتي في مصر فصلًا ثريًا من فصول حياتي الأكاديمية والشخصية، أضافت لي الكثير وأعادت تشكيل رؤيتي للعمارة ودورها في بناء المستقبل.


© 2025 جامعة النجاح الوطنية