الطالب فتح الله نوري من كلية الطب البشري والعلوم الطبية المساندة يخوض تجربة تدريبية مميزة في جامعة الأنبار في العراق

أنا الطالب فتح الله فراس نوري، طالب في السنة الخامسة في كلية الطب البشري والعلوم الطبية المساندة بجامعة النجاح الوطنية. لطالما آمنت أن دراسة الطب لا تكتمل بين جدران القاعات فقط، بل تنضج في العمل السريري وبين أروقة المستشفيات، خاصة عندما تُخاض في بيئات مختلفة تُثري التجربة وتفتح العيون على تحديات وواقع طبي جديد.
رغم الصعوبات التي وجهنها منذ اللحظة الأولى لتقديم التأشيرات، وما تبعها من تأخير، بدأت رحلتي في بلد لطالما سمعت عنه الكثير، بلد أنهكته الحروب والصراعات لأكثر من أربعين عامًا. ومع ذلك، لم يكن بوسعي أن أحكم عليه إلا من خلال تجربة حقيقية نعيشها بأنفسنا.
منذ لحظة وصولي إلى مطار بغداد، وجدت نفسي بين أهل الكرم والمحبة. هذه المشاعر لم تكن لحظية، بل رافقتني طيلة فترة إقامتي، وتحديداً في مدينة الرمادي، التي رسمت في ذاكرتي صورة مشرقة بطيبة أهلها وكرمهم.
في جامعة الأنبار، حظيت باستقبال رسمي من قبل الدكتور وليد نصار جفال، عميد كلية الطب، الذي رحّب بي بحرارة، وحرص شخصيًا على أن تكون تجربتي التدريبية مثمرة ومريحة. تم تنسيق جدول تدريبي خاص يناسب تخصصي، مما أتاح لي الاستفادة القصوى من فترة التدريب.
التحقت بقسم الجراحة ضمن برنامج التدريب العملي، حيث خضت تجربة غنية ومميزة تنوعت خلالها الحالات الطبية وتعددت التحديات السريرية، مما أتاح لي فرصة تطبيق ما تعلمته أكاديميًا في بيئة واقعية، إلى جانب التعرف على النظام الطبي واكتساب المهارات الجراحية المتبعة.
إلى جانب التدريب، قمت بجولة ثقافية وسياحية في مدينة بغداد، زرت خلالها مواقع دينية وتاريخية، وتجولت في الأسواق الشعبية التي تعكس روح العراق وهويته. لم تكن هذه التجربة مجرد فترة تدريب، بل كانت رحلة إنسانية وعلمية عميقة، حملت منها ذكريات لا تُنسى وصورة جديدة تمامًا لما كنت أعرفه أو أسمع عنه من قبل.
هذه التجربة جعلتني أكثر فخرًا بتمثيلي لفلسطين ولجامعة النجاح الوطنية في محفل طبي عربي مميز. وأود أن أعرب عن شكري العميق لكل من ساهم في إنجاح هذه الرحلة، لا سيما مركز التدريب العملي في جامعتي ممثلاً بالدكتور عماد القاسم، وكلية الطب في جامعة الأنبار، والمجلس العربي للتدريب، على إتاحة هذه الفرصة الغنية.
أنصح كل طالب طب بأن يخوض مثل هذه المغامرات، مهما كانت وجهتها غير متوقعة. فخلف كل فرصة مختلفة، تكمن تجربة لا تُقدّر بثمن، تنمّي العقل، وتبني شخصية الطبيب الحقيقي.