الطالب عبدالله الحرّيم من برنامج علم الحاسوب في سوق العمل تخصص الذكاء الاصطناعي سفيراً للنجاح في جامعة باريس ساكلي بفرنسا

سافرت إلى فرنسا ضمن منحة تدريبية في CNRS — IJCLab (Laboratoire de Physique des 2 Infinis Irène Joliot-Curie)، جامعة Paris-Saclay، ضمن فريق ATLAS، وكانت هذه الرحلة نافذةً على عالم البحث العلمي المتقدّم، حيث تعاملت مع باحثين وأساتذة مرموقين وتعلمت منهم الكثير من الخبرات، ما زاد من مستوى خبرتي العملية والفكرية بشكل ملحوظ.
خلال التدريب، طورت نماذج ذكاء اصطناعي (BDTs) و (NNs) لتمييز إشارات بوزون هيغر عن الخلفية، إضافة للتعامل مع عدم اليقين النظامي (nominal/ -/ +) وقمت بتحليل مكثف لكميات كبيرة من الرسوم البيانية والمؤشرات الفيزيائية، ما أكسبني خبرى عملية متقدمة في التعامل مع البيانات الضخمة واتخاذ القرارات العلمية الدقيقة.
كما شملت التجربة زيارة مختبر CERN، الذي يعد أكبر مختبر في العالم، حيث تعرفت على بيئة العمل الفعلية للفيزياء الجزيئية على نطاق عالمي، واستفدت من مشاهدة التجارب والتقنيات الحديثة في مكانها الواقعي، مما منحني منظورًا عمليًا مباشرًا حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الفيزياء عالية الطاقة.
قال تعالى: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” [طه: 114]، وكانت هذه التجربة تجسيدًا حيًا لهذه الدعوة الكريمة. كطالب مسلم فلسطيني، لم تكن رحلتي مجرد اكتساب للمعرفة، بل كانت فرصة لنشر قيم ديننا الحنيف وأخلاقه الرفيعة، وإظهار جمال الإسلام وتعاليمه للآخرين. سعيت لأن يكون حضوري مثالًا للخلق الحسن، كما قال رسول الله ﷺ: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، وحاولت قدر المستطاع أن أكون نموذجًا حيًا للتواضع والإحسان والأمانة، لا سيما في أجواء العمل البحثي المكثف.
ولم يكن اللقاء بالإخوة العرب المغتربين أقل تأثيرًا؛ فقد التقيت بمجموعة كبيرة من الإخوة من المغرب والجزائر ودول عربية أخرى، ووجدت في قلوبهم ودًّا ومحبةً لا توصف لأهل فلسطين. وتذكرت قول الله عز وجل: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” [آل عمران: 103]، وفهمت أن الأخوة والتعاون قوةٌ لا تُضاهى، وأن المحبة والإخاء أساس أي نجاح إنساني.
إضافة إلى ذلك، فقد كانت تجربة السفر والتعايش في بيئة جديدة فرصة عظيمة للتعلم، ليس فقط علميًا، بل إنسانيًا وروحيًا. شاركت في ورش عمل بحثية، وأعددت تقارير علمية، وأجريت تحليلات متقدمة للبيانات، وتعلمت الاعتماد على النفس، وتنظيم الوقت، والتواصل مع ثقافات متعددة. هذه التجارب أكدت لي أن العلم مع الإيمان والأخلاق يصنعان فرقًا حقيقيًا في حياة الإنسان ومجتمعه، وأن المعرفة العملية لا تكتمل إلا بالالتزام بالقيم.
أعود اليوم من هذه الرحلة مليئًا بالتجارب والمعرفة، ممتنًا لكل من ساهم في تعليمي ودعمي، مؤمنًا أن العلم والعمل الصادق مقروناً بالقيم والأخلاق والدين، يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الإنسان والمجتمع.
وختاماً، الحمدالله رب العالمين، اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا.