جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


الجامعات الفلسطينية والتصنيفات: بين بوصلة التقدّم وهاجس الأرقام

قصة نجاح تتقدّمها جامعة النجاح الوطنية

أ.د وليد صويلح

دائرة التصنيفات الأكاديمية العالمية - جامعة النجاح الوطنية


منذ أكثر من عقد من الزمن، لم تعد التصنيفات الجامعية مجرد لوحات شرف تصدرها مؤسسات عالمية مرموقة في مواسم متباعدة، بل تحولت إلى بوصلة تشغيلية تعيد تشكيل أولويات الجامعات في البحث والتعليم والتعاون الدولي وسياسات الاستدامة. وفي فلسطين، ورغم التحديات المركّبة، برزت الجامعات الفلسطينية كأطراف فاعلة على الخريطة العالمية، وفي طليعتها جامعة النجاح الوطنية التي كرّست موقعها كحالة ريادية رفعت اسم فلسطين أكاديميًا وبحثيًا.

لقد حققت جامعة النجاح حضورًا واسعًا في أبرز منصات التصنيف العالمية مثل Times Higher Education (THE) وQS  وU.S. News، حيث جاءت الأولى فلسطينيًا وضمن قائمة 1201–1500 عالميًا في تصنيف التايمز لعام 2025، كما كانت الأولى فلسطينيًا وضمن قائمة 601–800 عالميًا في برامج الطب وعلوم الصحة، و501–600 عالميًا في دراسات التربية، وذلك وفق تصنيفات التايمز للتخصصات. أما في تصنيف QS لعام 2026 فقد جاءت ضمن الشريحة 1001–1200 عالميًا، وحصلت على خمس نجوم في نظام QS Stars 2024 كإشادة بتميزها في التدريس والبحث والتوظيف. وفي تصنيف U.S. News 2025–2026 كانت جامعة النجاح الوطنية الجامعة الفلسطينية الوحيدة المدرجة في اللائحة بالمرتبة العالمية 1304. وعلى صعيد التصنيفات العربية، فقد احتلت المرتبة الأولى فلسطينيًا والـ 23 عربيًا في تصنيف التايمز للجامعات العربية 2024، كما حازت المرتبة الأولى فلسطينيًا والـ 20 عربيًا في تصنيف اتحاد الجامعات العربية(ARU).

أما في تصنيفات الاستدامة فقد تبوأت النجاح موقعًا متميزًا، إذ جاءت في المرتبة 82 عالميًا، والأولى فلسطينيًا، والثالثة عربيًا في تصنيف التايمز للتأثير لعام 2025، الذي يقيس مساهمة الجامعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي التصنيف الإندونيسي للجامعات الخضراء UI GreenMetric حلت الأولى فلسطينيًا، والسادسة عربيًا، والـ 103 عالميًا مع حصولها على التصنيف "ذهبي عالميًا". كما تربعت على المرتبة الأولى فلسطينيًا في QS Sustainability 2025 في تأكيد لالتزامها بالبنية التحتية الخضراء.

وعلى صعيد الحضور الرقمي والابتكار، واصلت النجاح ريادتها فجاءت الأولى فلسطينيًا والخمسين عربيًا في تصنيف ويبوميتركس لعام 2025، كما حجزت مكانًا لها ضمن أفضل أربعمئة جامعة عالميًا في تصنيف WURI للابتكار المؤسسي والتحول الرقمي.

ولم تتوقف إنجازات الجامعة عند المستوى المؤسسي فحسب، بل امتدت إلى حضور باحثيها في أهم التصنيفات الفردية. ففي قائمة ستانفورد–إلسيفير لأعلى 2% من العلماء تأثيرًا عالميًا لعام 2024 ظهر 17 باحثًا من جامعة النجاح، فيما حققت الجامعة المرتبة الأولى فلسطينيًا و1455 عالميًا في تصنيف AD Scientific Index 2025، حيث برز باحثيها في مجالات الطاقة والكيمياء والعلوم الطبية في مؤشرات الاستشهاد والأثر العلمي.

ولأن الأرقام ليست سوى نصف القصة، فقد ترجمت الجامعة إنجازاتها إلى قصص مؤسسية مؤثرة وصلت إلى منصات الجوائز. ففي إنجاز عربي مرموق، فازت جامعة النجاح الوطنية بجائزة "الاستراتيجية الدولية لهذا العام" ضمن جوائز التايمز للجامعات العربية 2024، وذلك من بين أكثر من أربعمئة مشروع مشارك يمثلون سبع عشرة دولة عربية. وفي العام 2025 تأهلت الجامعة إلى خمسة نهائيات في جوائز التايمز للجامعات العربية، وهو العدد الأكبر على مستوى المنطقة، وشملت قائمة الترشيحات فريق العام للقيادة والإدارة (RISE)، والمساهمة المتميزة في القيادة البيئية، ودعم الطلبة، والمساهمة في التنمية الإقليمية عبر مشروع الأغوار، إضافة إلى الابتكار الرقمي من خلال مشروع Najah2Twin.

وعند التأمل في هذه المسيرة، يمكن القول إن للتصنيفات الجامعية أثرًا مزدوجًا على الجامعات الفلسطينية. فمن جهة تمنحها بوصلة استراتيجية لتحديد أولويات التطوير وتعزيز السمعة الأكاديمية وجذب التمويل والطلبة الدوليين، كما تفرض عليها بناء أنظمة بيانات متقدمة تعزز من كفاءة القرار المؤسسي. ومن جهة أخرى، تحمل هذه التصنيفات تحديات واضحة مثل اختلاف المنهجيات الذي يخلق صورة متجزئة، وكلفة جمع الأدلة والبيانات التي تشكل عبئًا ماليًا وبشريًا، فضلًا عن خطر الوقوع في فخ "عبادة المؤشر" على حساب الرسالة الوطنية.

وعليه فإن الرؤية الأمثل تكمن في النظر إلى التصنيفات كوسيلة لا غاية، وإنشاء مرصد وطني للتصنيفات يوحد الجهود الفلسطينية، وربط كل مؤشر بمشروع يخدم احتياجات المجتمع، مع تثمين قصص الباحثين باعتبارهم سفراء علميين لفلسطين.

وأخيرًا، أثبتت جامعة النجاح الوطنية أن الجامعة الفلسطينية قادرة على أن تكون علامة مضيئة في خريطة التعليم العالي العالمي. فمن المرتبة 82 عالميًا في الاستدامة، إلى الصدارة المحلية في GreenMetric وWebometrics وU.S. News، ومن خمس نجوم QS إلى خمسة ترشيحات في جوائز التايمز، صاغت النجاح قصة توازن بين الأرقام والرسالة. وهكذا فإن التصنيفات ليست مجرد سباق أرقام، بل هي لغة عالمية تتحدث بها الجامعات. وقد تحدثت فلسطين بلسان جامعة النجاح ببلاغة مؤثرة، غير أن البلاغة الحقيقية تكتمل حين تظل خدمة المجتمع الفلسطيني هي العنوان الأسمى خلف كل ترتيب ومؤشر.


© 2025 جامعة النجاح الوطنية