جامعة النجاح الوطنية
An-Najah National University

You are here


نظم مركز التخطيط الحضري والحد من مخاطر الكوارث في جامعة النجاح الوطنية ورشة عمل ومعرضاً يهدف إلى إحاطة صانعي القرار وراسمي السياسات على مستوى نابلس والوطن بأهم مخرجات مشروع مدن الغد، ولإيصال رؤية الفئات الاجتماعية حول مستقبل المدينة وذلك على شكل خرائط وبيانات وسياسات. وأتاحت الورشة المجال لرصد ردود الأفعال من صانعي القرار والسياسات، بالإضافة إلى جني التغذية الراجعة منهم بخصوص آلية التطبيق والفرص المتاحة وكيفية التغلب على العقبات. كما أقيم إلى جانب الورشة معرض صور وخرائط لمجريات المشروع منذ انطلاقه وحتى محطاته الأخيرة استمر ثلاثة أيام.


وبدأت الورشة بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء قطاع غزة والوطن، واستعراض أن الاحتلال الإسرائيلي يمثل أكبر كارثة عرفها الفلسطينيون. وجاء في العبارات التقديمية للورشة ما يأتي: "فكّرنا عند إعداد هذه الورشة أن يكون من بين اللوحات المعروضة في الخارج لوحة تتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لكن وجدنا أن لا حاجة لمثل تلك الصورة، فاللوحة ماثلة أمامنا وحاضرةٌ في وجداننا منذ أكثر من مئة يوم في بثٍ حي ومباشر."

وتكريماً للمناصرين للحق والعدالة وحقوق الشعب الفلسطيني، فقد تم تكريم المؤسس والرئيس الراحل لمنظمة مدن الغد البروفيسور جون ماكلوسكي، وتم وسم صورته باسم غزة، والذي كان قد لقي مصرعه قبل وقت وجيز إثر مرض عضال، فيما كان يواظب في آخر أسبوع من حياته رغم اشتداد الألم على المشاركة في المسيرات الداعمة لفلسطين والمناهضة للحرب على غزة من مدينته في أيرلندا "ديري" التي لا يكاد يختفي بريق العلم الفلسطيني من طرقاتها، وجاء ذلك التكريم ترميزاً وتعبيراً لامتنان الشعب الفلسطيني لكل من يقفُ بجانب عدالة قضيته حول العالم. 

ومشروع مدن الغد هو منظومة عمل تهتم بالتخطيط الحضري للمناطق الفارغة في المدن بشكل يراعي الحد من مخاطر الكوارث لا سيما للمستضعفين والمظلومين، وقد انضمت نابلس بصفتها أول مدينة عربية وخامس مدينة في العالم تنضم لهذه المنظومة، وكان ذلك في الرابع والعشرين من أيار 2023. وقد تم من خلال هذا المشروع وضع عدة سيناريوهات للتوسع المستقبلي لنابلس ومحيطها بما يتماشى مع الرؤية المستقبلية للعديد من الفئات الاجتماعية في نابلس مثل الشباب والنساء والأطفال وسكان العمارات وذوي الدخول المنخفضة والمحدودة ومؤسسات المجتمع المدني، وسيتم في مرحلة لاحقة من المشروع إجراء حسابات مفصلة لمخاطر وأضرار الكوارث المحتملة واختيار السيناريو الأكثر فاعلية وأماناً. 

وشارك في الورشة رؤساء مؤسسات وراسمو سياسات ومختصون وممثلو هيئات ذات علاقة مباشرة بالمشروع منها: بلدية نابلس، ووزارة الحكم المحلي، ونقابة المهندسين، وشركة توزيع كهرباء الشمال، ووزارة الأشغال العامة والإسكان، وصندوق تطوير وإقراض البلديات، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، ونقابة الصحفيين والإعلام الرسمي الفلسطيني. بالإضافة إلى شركاء المركز وهم بلدية صرة، والمركز الوطني الفلسطيني للحد من مخاطر الكوارث. وكذلك ممثلو الفريق الدولي لمدن الغد الذي انضم للورشة عبر تقنيات التواصل عن بعد.

وقدّم الفريق الفلسطيني عروضاً وفيديوهات تعريفية توضح المشروع والمحطات التي تم إنجازها، والمحطات القادمة، وتم تبيان التحديات والمخاطر التي يمكن حدوثها مستقبلاً في نابلس، كمخاطر الانزلاقات الأرضية والزلازل والكوارث الأخرى، كما تم استعراض الرؤى المستقبلية لنابلس من منظور الفئات المجتمعية التي شاركت في المشروع. كما تم استعراض أمثلة للسياسات التخطيطية التي نتجت عن حوار تلك الفئات المجتمعية، وعُرضت كذلك نماذج من سيناريوهات التوسع والتعرض في استخدامات الأراضي.

وبعد ذلك التعريف فُتح باب الحوار والنقاش أمام المسؤولين وصناع القرار، والتي خلصت بشكل رئيس إلى النتائج والتوصيات الآتية:

  1. مخرجات المشروع ونتائجه سيكون لها تحديات، لكن سيكون لها حلول ضمن إطار مكاني (خرائط) أو سياسي (أنظمة وقوانين).

  2. البلديات الشريكة سوف تستفيد من مخرجات المشروع للعمل عليها في التخطيط المستقبلي للمناطق الفارغة.

  3. هناك حاجة لتنفيذ خطة استراتيجية توعوية تشمل جميع فئات المجتمع، ومن الضرورة بمكان توعية الجامعات بشكل خاص حول فلسفة المشروع وأهميته، والإعلام له دور توعوي رئيس أيضاً.

  4. إن جوهر الصراع مع الاحتلال هو صراع الأرض والإنسان، لذلك فإن تخطيط الأراضي وعمارة المكان للسكن والعيش هو بحد ذاته منطلق وطني وتكليف شرعي، ولا بد من تطوير فكر استراتيجي للمستوى السياسي على كيفية تخطيط استخدامات الأراضي في ظل التحديات الجيوسياسية المفروضة من الاحتلال.

  5. نتائج مشروع مدن الغد هي نتائج قابلة للتطبيق وليست عرضاً لدراسة مثالية نظرية، وتقتضي الضرورة بناء منصة بيانات تمكن صناع القرار من الاستفادة منها قبل اتخاذ القرارات ذات العلاقة، وكذلك انضمام مدن فلسطينية جديدة لهذه المنظومة في المراحل القادمة.

  6. هناك حاجة لتطوير الأنظمة القوانين، والرقابة على التنفيذ، وإعداد المخططات الهيكلية بما يتناسب مع الحد من المخاطر.

  7. لا بد من تطوير نظام يضبط مسألة ملكية الأراضي وأسعارها بما يراعي الحد من مخاطر الكوارث والفئات المهمشة وذات الدخول المنخفضة.

إن مشروع مدن الغد يشكل فرصة لانعكاس جهود علمية قيمة وقابلية تعميمها على مستوى المحافظات والمدن الفلسطينية، ويجب أن يتحول من دراسات إلى سياسات على أرض الواقع، وهو يتناول إدارة المخاطر الاستباقية، عوضاً عن الإدارة التصحيحية أو التعويضية. ويمكن القول إن جميع المسؤولين المشاركين وصناع القرار وراسمو السياسات في تلك الورشة قد اتفقوا على تبني مبادئ عمل منظومة مدن الغد، ويبقى الميدان مفتوحاً لتطبيق ذلك وتنظيمه على أرض الواقع. 


Read 99 times

© 2024 جامعة النجاح الوطنية